مشروع الموازنة العامة للدولة لسنة 2017م (ديسمبر 2016)

بيان المكرم الشيخ محمد بن عبدالله الحارثي

رئيس اللجنة الاقتصادية- مجلس الدولة

جلسة مناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة لسنة 2017م

معالي الرئيس الأعضاء الكرام

اتقدم أولا بجزيل الشكر والتقدير لزملائي اعضاء اللجنة الاقتصادية والمكرمين رؤساء اللجان على ملاحظاتهم القيمة وكذلك للجهاز الفني للجنة ودائرة الدراسات والبحوث الاقتصادية في أمانة المجلس على دعمهم وتعاونهم غير المحدود فنيا ولوجستيا. والشكر كذلك لمكتب المجلس على لمساته الجيدة للتقرير لإخراج التقرير بصورته المعروضة امامكم .

وإذ تقدر اللجنة جهد مجلس الشورى تؤكد اتفاقها مع جل المرئيات التي وردت في مذكرته وليس لديها ملاحظات جوهرية حولها.

كما تقدر اللجنة الجهد المبذول من قبل وزارة المالية في اعداد هذه الموازنة وتقدر أنها بذلت كل ما بوسعها تقديمه وليس لديها ما يمكنها اضافته في هذه المرحلة  اكثر مما هو موجود في المشروع.

لقد تدارست اللجنة مشروع الموازنة في إطارها العام على أساس انها تمثل خطة عمل السنة الثانية من الخطة الخمسية التاسعة ، وحاولت ان تحصر ردودها حول تدارس ما إذا كانت الموازنة  ستحقق اهدافها وما اذا كانت الموازنة المقترحة قابلة لمواجهة التحديات الرئيسية للخطة التي  تتمثل في:-

  • تحقيق النمو
  • القدرة على توفير فرص عمل
  • امكانية معالجة العجز المالي
  • امكانية تحقيق الاستقرار في  الميزان التجاري

أثناء دراسة المشروع اخذنا في الاعتبار نتائج بعض الدراسات الاقتصادية حول العلاقة والنسب بين حجم الانفاق الحكومي و الناتج المحلي من جهة ومعدلات النمو من جهة اخرى في مختلف دول العالم والتي توصلت الى أن حجم الانفاق الحكومي المقبول يتراوح ما بين 4,5%  و 31,7% من الناتج المحلي كحد اقصى، وللمحافظة على النمو الاقتصادي فإن حجم الانفاق الحكومي ينبغي ان يكون اقل من  31.7% ، مع العمل للوصول الى الحجم الأمثل حوالى 13.4% ، كما تبين انه كلما يزيد حجم الإنفاق عن تلك النسب تقل كفاءة الحكومات وتنخفض معدلات النمو ويخفق السوق في تحقيق أهدافه.

الملاحظ أن حجم الانفاق الحكومي في موازنة 2017 قدر بمبلغ 11,7 مليار ريال عماني وحجم الناتج المحلي بـ 25 مليار ،  وعليه فإن النسبة في السلطنة بلغت 47% وهي من أعلى النسب بين دول الخليج ما عدا دولة الكويت ، وفي الوقت نفسه اكبر من نسبة انفاق الحكومة الهندية بـ  5 مرات.

وهذا وضع يجعل الاقتصاد العماني معرض للكثير من المخاطر وغير قابل للاستدامة ، وعليه فإن الامر يتطلب تخفيض حجم الإنفاق الحكومي من 11,7 مليار ريال الى ما لا يتجاوز 7,5 مليار ريال إلا أنه بسبب عدم إمكانية تحقيق ذلك باعتبار أن نسبة الاجور تمثل نسبة عالية من اجمالي الانفاق الجاري  فإنه ليس امام الحكومة الا بديل توسعة حجم الناتج المحلي ليزيد من 25 مليار الى حوالي 39 مليار ريال على اقل تقديروالامر يتطلب جهدا كبيرا  وخارطة طريق واضحة لتحقيق ذلك وبحيث ترتكز جميع السياسات في إيجاد البيئة الاستثمارية المحفزة مع تحسين الأداء الحكومي وازالة القيود الاستثمارية ، وتحرير المناطق الاقتصادية الحرة من البيروقراطية الحكومية واقامة مناطق اقتصادية حرة جديدة ، و ازالة القيود عن سوق العمل بمنح المرونة في تنقل العمالة في السوق المحلي ،  وعدم  اللجوء الى زيادة الايرادات الحكومية من خلال المزيد من الضرائب والرسوم لأن ذلك سيصعب تحقيقه ويعني المزيد من الانكماش والتشويه للاقتصاد العُماني.

ان ما يجب أن يدركه المخططين في السلطنة أنه في الحالات المثلى للاقتصادات الناجحة فإن حجم الانفاق الحكومي المعادل لانفاق السلطنة يمكن أن يولد ناتج محلي يصل الى 87 مليار ريال ،  و في الوقت ذاته فإن الحكومات ليست بحاجة لانفاق اكثر من  3.35  مليار ريال فقط لتوليد نفس معدلات حجم ناتجنا المحلي.

إن تحقيق الاستقرار الاقتصادي في السلطنة يتطلب العمل سريعا لتوسعة القاعدة الانتاجية ووضع أسقف معيارية لا يتم تجاوزها في اي حال من الاحوال خاصة فيما يتعلق بنسبة الاجور من اجمالي المصروفات الجارية على مستوى كل وحدة حكومية ونسبة المصروفات الجارية لإجمالي الانفاق على مستوى الدولة ، وسقف للإنفاق الحكومي لا يتجاوز الـ 30% من حجم الناتج المحلي،

أن مشاكلنا ادارية قبل ان تكون اقتصادية وأن الهيكل الاداري الحالي للدولة ليس عاملا مساعدا لإيجاد الحلول، حيث نجد أن وزارة المالية تطلب من الحكومة الاستمرار في اتخاذ الإجراءات الاحترازية … الخ كما ورد في الصفحة 53 من مشروع الميزانية للعام 2017 ، وجل تلك المطالبات ليست بجديدة انما هي نفس المطالبات المتكررة منذ اكثر من عقدين ، وهي في نفس الوقت مجرد تكرار لمرئيات مجلس الدولة التي تم من خلالها تشخيص الاشكاليات في تقريره المرفوع الى الحكومة بإسهاب في العام الماضي ردا على المذكرة التي قدمتها الحكومة تحت عنوان الخطة الخمسية التاسعة ، والتي جاء رد الحكومة على ملاحظاتنا بأنها تتفق مع معظم مرئياتنا ،  وكان يتوجب على المجلس الأعلى للتخطيط أن يتقدم بحلول لمطالبات وزارة المالية في مذكرته المرفقة بمشروع الموازنة ولكنه للأسف لم يوفق في تحقيق ذلك ، و الحاجة ماسة للخروج من الحلقة المفرغة ونأمل ان يتم الاستفادة من مرئيات المجلس واعتبارها أسس رسم خارطة طريق الاصلاح الاقتصادي.

معالي الرئيس الاعضاء الكرام

قد ترون من المناسب أن نكتفي بمناقشة الملاحظات الختامية الواردة في الصفحة الاخيرة من تقريرنا لأنه قبل العمل بها يعني أن مناقشة بقية التقرير مجرد اضاعة وقت.

ختاما اطلب مخاطبة الحكومة وتذكيرها بنص المادة (58) مكررا (40) من النظام الأساسي للدولة الذي نص على أن:-

“تحال مشروعات خطط التنمية والميزانية السنوية للدولة من مجلس الوزراء إلى مجلس الشورى لمناقشتها وإبداء توصياته بشأنها ….. وعلى مجلس الوزراء إخطار المجلسين بما لم يتم الأخذ به من توصياتهما فـي هذا الشأن مع ذكر الأسباب.”، فإنه من الضروري الطلب من مجلس الوزراء الموقر بأن يكون رد الحكومة على مرئيات المجلس  في السنوات المقبلة وفق الاطار المحدد في النظام الأساسي للدولة.

Shopping Cart
Scroll to Top