بيان المكرم الشيخ محمد بن عبدالله الحارثي
رئيس اللجنة الاقتصادية الموسعة – مجلس الدولة
” دراسة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في سلطنة عُمان: التحديات والفُرص والمقترحات “
معالي الشيخ رئيس المجلس،
المكرمون والمكرمات أعضاء المجلس،
سعادة الأمين العام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
لقد حظيت المؤسسات الصغيرة والمتوسطة باهتمام كبير عالميا بسبب دورها الاقتصادي المهم، إذ يُنظر إليها على أنها من الممكنات الرئيسية للنمو الاقتصادي والتنويع والابتكار وزيادة فرص العمل، وتمكين الطبقة الوسطى من رفع قدراتها الاستهلاكية وأثر ذلك على الاقتصاد الكلي.
وتعول سلطنة عمان على قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في تحقيق رؤية 2040، عن طريق تمكين القطاع الخاص، إلا إن المؤشرات تؤكد أن هيكل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بدائي وغير متطور، ومتباين في سياساته، مما انعكس على مؤشرات الأداء حيث يساهم في توظيف القوى العاملة العمانية بحوالي 16% فقط من إجمالي التوظيف، مع مساهمه متواضعة في الناتج المحلي الإجمالي لا تتجاوز 16.9%، بما يعكس مدى ضعف مساهمة القطاع الخاص.
وقد أوضحت نتائج الدراسة أن القطاع الخاص في سلطنة عمان ما هو إلا عباره عن مؤسسات صغيرة ومتوسطة حيث تستحوذ على نحو 99.6% منه يبلغ عددها 180 ألف مؤسسة، كما أن الغالبية العظمى من هذه المؤسسات (89%) ماهي إلا مؤسسات (صغرى) تستحوذ على النسبة الكبرى من المستثمرين المتفرغين (84%)، ونحو 55% من إجمالي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هي مؤسسات فردية، حيث تمارس هذه المؤسسات أنشطة اقتصادية تقليدية ذات إنتاجية وقيمة مضافة محدودة جدا، توظف في الغالب وافدين بمهارات متدنية، وأجور منخفضة مثل تجارة الجملة والتجزئة والتشييد.
كما أن نسبة المؤسسات التي ينطبق عليها معايير بطاقة “ريادة” مع نهاية سنة 2021م كانت حوالي 15% من إجمالي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتزداد بوتيرة متسارعة بسبب الحوافز المقدمة لها مؤخرا ، وشكلت القوى العاملة العمانية فيها مع نهاية سنة 2021م أقل من 5% فقط من إجمالي القوى العاملة في القطاع بما في ذلك أعداد أصحاب الأعمال الذين يبلغ عددهم حوالي مرتين ونصف عدد القوى العاملة العمانية في تلك المؤسسات، وحيث أن معظم الحوافز والسياسات الحكومية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة موجهة إلى فئة ريادة فقط، التي تمثل نسبة صغيرة من الحجم الكلي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في سلطنة عمان ، يبقى أثرها على الاقتصاد الكلي محدود .
الأخوة والأخوات المكرمين ،،،
لقد ارتكز تحليل الدراسة على الإطار المعياري لقياس أداء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الخاص ب “منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD)” المتضمن (6) ست ركائز أساسية، كما هو مبين في المحورين الثالث والرابع من الدراسة حيث رات اللجنة أهمية تحليل كل ركيزة من ركائز بيئة الأعمال في سلطنة عمان، ومناقشة عوامل التمكين، والتحديات والمعالجة اللازمة، وتحديد أسباب عدم قدرة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على إيجاد مزيد من فرص العمل، والمساهمة بشكل أكبر في تنويع الاقتصاد الوطني وزيادة معدلات الإنتاجية والابتكار.
الأخوة والأخوات المكرمين ،،،
لقد أكدت الاستضافات عدم التوافق والتنسيق والتكامل بين الجهات المشرفة والداعمة لأنشطة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في سلطنة عمان، وغياب ما يؤكد أن الأهداف والسياسات والممارسات لهذه الجهات تتوافق مع متطلبات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حيث لا توجد أهداف استراتيجية وخطة عمل معلنة ومؤشرات أداء رئيسية، مع غياب آليات الرصد والتقييم كجزء من إجراءات عمل هذه الجهات رغم أن ذلك من ركائز رؤية عمان 2040.
وقد خلصت الدراسة إلى أن أهم المشاكل التي تواجه قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في سلطنة عمان تكمن في بيئة الأعمال حيث لا تزال العديد من حواجز النمو والوصول إلى السوق مفروضة على القطاع، وعدم وضوح مستقبل الدور التنظيمي للدولة الذي يجب أن يتمثل في ضمان الفرص المتكافئة بين أصحاب الأعمال وإيجاد التشريعات التي تحقق المنافسة العادلة، وغياب استراتيجية واضحة في مجال تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وعدم توفر التنظيم الكفيل لتطوير القطاع ، وتمتد إلى قرارات الكثير من موظفي الجهاز الحكومي القصيرة المدى ، الذين لا يدركون تبعات قرارتهم مهما كانت صغيرة ومدى الضرر الكبير الذي يلحقونه ليس على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فحسب بل وعلى الاقتصاد العماني.
ويتطلب هذا الوضع أهمية وضع مبادرة حكومية لتعزيز ثقافة الموظفين وإعادة برمجة طريقة إنجاز معاملات المراجعين بما يتفق مع السياسات المعتمدة، وبما يضمن سلامة أداء الجهاز الحكومي والتأكيد على هدفه الرئيسي كميسر للأعمال يعمل في إطار خطة تنموية لديها أهداف واضحة يعمل الجميع بمنظومة متجانسة من أجل تحقيقها مع وجود مرجعية لإصلاح أي خلل دون تأخير وتكون قراراتها نافذة.
ولمعالجة كل هذه التحديات قد قدمت الدراسة العديد من التوصيات المهمة بما يضمن معالجة التحديات التي تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في سلطنة عمان، وبما يضمن التحول إلى قطاع منتج منخرط في أنشطة ذات إنتاجية وقيمة اقتصادية عالية، وموجه نحو المستقبل، والتي نأمل أن تتم الاستجابة لها من الجهات التنفيذية بالسرعة المطلوبة.
ختاما يسرني أن أتقدم بجزيل الشكر والتقدير للجنة الفرعية التي أعدت هذه الدراسة، والفريق الفني المساعد، والمكرمين أعضاء المجلس الذين تكرموا بإرسال ملاحظاتهم لنا حول الدراسة وأخص بالذكر المكرم الشيخ زاهر العبري وملاحظاته التي تناولت الجوانب اللغوية والشرعية و كذلك … وإلى أعضاء مكتب المجلس وما أبدوه من ملاحظات والشكر موصول لأعضاء اللجنة الاقتصادية، كما أشكر مقدما أعضاء المجلس المكرمين، بتقديمهم المقترحات وأية ملاحظات يمكن أن تسهم في إثراء الدراسة.
والله ولي التوفيق