مقابلة مع جريدة الوطن حول  الاصلاحات السياسية وحزمة الحوافز الاقتصادية – 21 مارس 2011

مقابلة حول  الإصلاحات السياسية وحزمة الحوافز الاقتصادية

جريدة الوطن 21 مارس 2011

هل لكم أن تحدثونا عن الاصلاحات السياسية وحزمة الحوافز الاقتصادية التي أطلقتها الحكومة ومدى مساهمتها في تحسين أداء العاملين في القطاعين العام والخاص ومردودها على الاقتصاد الوطني؟

من السابق لأوانه الحديث عن الاصلاحات السياسية صحيح انه صدر المرسوم السطاني رقم 39/2011 بمنح مجلس عمان الصلاحيات التشريعية والرقابية ولكن علينا الانتظار حتى تصدر تلك التعديلات ويتم الاطلاع على الآليات التي سيتم من خلالها تحقيق ذلك، وفيما يتعلق بحزمة الحوافز الاقتصادية التي أطلقتها الحكومة ومدى مساهمتها في تحسين أداء العاملين في القطاعين العام والخاص ومردودها على الاقتصاد الوطني، فلا اعتقد ان الحكومة أطلقت أية حزم اقتصادية حتى الان ، فزيادة الحد الادنى للأجور قد تم قبل الاعتصامات التي حدثت مؤخرا ، ويقال ان بعض الشركات رفضت تلك الزيادات وخيرت الموظفين ما بين استمرار العمل وفق أجورهم القديمة او الاستقالة من العمل وأن شرارة الاعتصامات قد بدأت بسبب ذلك وإن حق ذلك فإنه لو أنه تم علاج الموضوع بحكمة أنذاك لما تطور الوضع ووصل الى ما وصل اليه الآن ولكن الله قدر وماقدره صار.

من وجهة نظركم هل هذه الاصلاحات التي اتخذتها الحكومة كافية أم أن هناك جوانب لابد وان يتم معالجتها؟

ان معظم القرارات التي اتخذت مؤخرا لا يمكن اعتبارها سوى ردود فعل ومحاولات ترقيع ولا ترقى الى مستوى حزمة الحلول المتكاملة لمعالجة الاوضاع الاقتصادية على المدى الطويل واعتقد أنه من الضروري ان توضح الامور للعامة لتجنيب البلاد من تعقيدات أكبر وهنالك الكثير من الامور التي يمكننا ان نتعلم منها من تلك الاحداث التي اثبتت مدى هشاشة المؤسسات العامة منها والخاصة وغياب ادارة الازمات وللأسف فإن المصدر الرئيس للمعلومات اليوم يتمثل في المتنديات والاشاعات حيث لا تتوفر معلومات كافية في وسائل الاعلام يمكن من خلالها تقييم ما يحدث في ارض الواقع ، فمن ناحية فإن الاعتصامات العمالية أتسمت بالفئوية و افتقرت للعمل المؤسسي ولم يتمكن الاتحاد العام لنقابات العمال في السلطنة بالقيام بدوره بتوحيد المطالب العمالية والتفاوض الجماعي ومن ناحية أخرى لا اعتقد انه توجد تجمعات منظمة توحد المطالب السياسية وفي مثل هذه الضروف يصعب التفاوض وايجاد الحلول بسبب وجود قوائم لا حصر لها من المطالبات.

واذا درسسنا بعض المعالجات كمثال لا اعتقد انه كان لدى اصحاب القرار المام بتبعات وحجم العواقب التي ستترتب منها فإعلان منح 150 ريال عماني للباحثين عن عمل ، بالرغم من كونه قرار جيد وتطبقه الدول المتقدمة ، إلا ان اسلوب إخراجه وما اكتنفه من غموض بسبب عدم الاعلان عن تفاصيله أوجد سقفا كبيرا لدى الراغبين في الاستفادة منه وقد أدى ذلك الى خلق بلبلة كبيرة في السوق فبجانب الباحثين عن عمل استقال الكثيرين من أعمالهم للإستفادة من تلك المنحة كما ترك الكثير من الطلاب مقاعد الدراسة ولتجنب الاثار الجانبية كان من الضروري توضيح الامر واصدار لائحة تنفيذية بشروط الاستحقاق وعما اذا كانت هذه المنح سيتم العمل بها بصورة مؤقتة أم ستكون دائمة وفق الآليات المعتمدة. ومثال أخر صدور تعليمات المؤسسة العامة للمناطق الصناعية بصرف علاوات معيشة للعاملين في المنطقة ، أنا لست قانونيا ولكنني أعتقد أن مثل هذا القرار قد يكون مخالفا لقانون العمل العماني لأنه صدر من جهة غير ذات اختصاص حيث منحت المادة (50) من قانون العمل العماني مجلس الوزراء دون غيره وضح الحد الأدنى للأجور وفقاً لما تقتضيه الظروف الاقتصادية وله أن يضع حداً أدنى لأجور فئة بذاتها من العمال الشاغلين لوظائف أو مهن تقتضي ظروف أو طبيعة العمل بها هذا التحديد ، ويصدر بالحد الأدنى للأجور قرار من وزيرالقوى العاملة. ولم يمنح القانون حتى مجلس الوزراء منح أية علاوات للقطاع الخاص فما بالك بقيام جهات أخرى بمنح مثل تلك العلاوات . أن لا اعترض على المضمون ولكن المشكلة في مثل هذه القرارات انها قد تواجه اشكاليات قانونية وقد تشجع جهات أخرى بتقديم مطالبات مماثلة يصعب رفضها بحجة وجود سوابق قانونية مماثلة.

إذا نظرنا إلى وضعية المنشأت التجارية العاملة في السلطنة سنجد ان هنالك حوالي 168 الف مؤسسة تجارية مسجلة في غرفة تجارة وصناعة عمان 37% منها فقط مسجلة في محافظة مسقط و63% خارج مسقط ،  83% من تلك المنشآت  يقل رأسمالها عن 50 الف ريال عماني و90% يقل عن 100 الف ريال عماني ،  7% بين 50 الف  و99 الف ريال عماني و8% بين 100الف و 250 الف ريال عماني و 2% فقط يزيد رأسمالها عن 250 الف ريال عماني ، كما أن أكثر من 98% من تلك السجلات مملوكة بالكامل للعمانيين وحوالي 71% من اجمالي تلك المنشآت عبارة عن تاجر فرد عماني بالكامل و26.8% شركات مملوكة بالكامل للعمانيين ما بين محدودة المسؤولية وتضامنية وتوصية وأقل من 2% شركات بمشاركة اجنبية ، وأنا اجزم أن رفع الاجور سيؤدي الى افلاس الكثير من المنشأت الصغيرة وخروجها من سوق العمل، لأن الوضع الحالي للإقتصاد العماني مَكن  شركات محدودة جدا من تحقيق أرباح كثيرة في السنوات الماضية وبقية الشركات بالكاد تتمكن من سداد أجور موظفيها في أخر الشهر ، بل لدينا قصص كثيرة عن منشآت عاجزة عن سداد اجور موظفيها المتراكمة على مدى أشهر وسيكون لذلك تبعات سواء كانت في فقدان الكثيرين لوظائفهم أو زيادة نسب التضخم بسبب مدى تأثيرها على قطاع الخدمات والمقاولات.

ويجب أن لا ننسى انه في مختلف الدول فإن الاجور لا تقاس بالريالات فقط ولكن بما تكفلها من مستوى معيشي. فنحن بحاجة الى ربط الحد الأدنى للأجور بالانتاجية والتكلفة المعيشية والى مشروع وطني للتشغيل وإعادة هيكلة الأجور وبرامج التأهيل لآننا اذا رفعنا الأجور بشكل مبالغ فإن ذلك سيؤثر على الاستثمارات ، كما اننا بحاجة الى تبني الشباب والأفكار الابداعية والتوسع بالمشروعات الصغيرة.

لايوجد لدى ولا اعتقد لدى غيري أية حلول سحرية وعلى الحكومة ان تكون صريحة بأنه ليس بإستطاعتها إيجاد حلول فورية لجميع المشاكل لكنها تتعهد بإعادة بناء المؤسسات وانها ستعمل بجدية لتحقيق تنمية مستدامة من خلال عملية مجتمعية واعية ودائمة موجًّهة وفق إرادة وطنية مستقلًّة من أجل إيجاد تحوُّلات هيكلية وإحداث تغييرات سياسية واجتماعية واقتصادية تسمح بتحقيق تصاعد مطًّرد لقدرات المجتمع وتحسين مستمر لنوعية الحياة فيه وبأنها لن تسمح للإحتكار وستضع حداً للطمع والجشع  الذي كان له تأثير كبير على نسيج المجتمع العماني وبأنها ستعمل على إعادة هيبة الدولة بتحقيق النزاهة والعدالة.

من وجهة نظركم هل استيعاب هذا الكم الكبير من الوظائف خلال فترة زمنية قصيرة سيكون له تأثير على الأداء والانتاج؟

اذا أخذنا الاعداد المقترحة للقطاع الخاص فإنها ليست كبيرة جدا واعتقد ان القطاع الخاص قد يتمكن من استيعابها المشكلة هنا ان الوظائف متوفرة والقطاع الخاص يبحث عن عاملين ولكنه يعاني من النقص في الكفاءات المؤهلة ، والامر يتطلب أن تستفيق وزارة القوى العاملة من سباتها وأن تنتقل من موقع ردة الفعل الى موقع المبادرة خلال الاشهر المقبلة بعد أن تستقر الأمور، وأن يتم وضع برامج وطنية لتأهيل وتدريب المواطنين  لضمان اكتسابهم حرفة ومهنة وفرص عمل افضل ولضمان خروجه من دائرة مستوى الحد الادنى من الاجور ولتكون عمالة منتجة ولا تشكل عبء على الشركات التي تعمل بها ولا تكون مجرد نسب تعمينية كما يجب الحذر من خطورة مصيدة التوظيف دون تأهيل وعلى أساس الحد الادنى للأجور، لما لذلك من تأثير كبير على مستقبلهم الوظيفي وعلى مؤشرات التنمية البشرية في السلطنة على المدى الطويل، الوضع في الوقت الحاضر غير مستقر وبحاجة الى بعض الوقت حتى يتضح الحجم الفعلي للجادين من الباحثين عن عمل ، خاصة بعد الاعلان الاخير عن الزيادات في أجور أفراد السلك العسكري وفتح باب التوظيف في الوحدات الحكومية فتلك المستجدات أغلقت الابواب تماما امام الكثيرين للعمل او للتدريب للعمل في القطاع الخاص فمعظم الشباب توجه للتسجيل للعمل لدى سلك الشرطة والجيش والوحدات الحكومية ويرفض قبول العمل او التدريب في القطاع الخاص قبل حصولهم على رد نهائي من تلك الجهات وأعتقد ان سرعة البت في طلباتهم سيساهم في وضوح الرؤية في القطاع الخاص.

Shopping Cart
Scroll to Top