مقابلة مع جريدة الوطن حول اسباب انخفاض اسعار النفط
14 اكتوبر 2014
ـ هل يمكن اطلاعنا من وجهة نظركم على الأسباب التي تقف وراء انخفاض سعر النفط حيث انخفض الخام العماني عن الـ90 دولارا الجمعة الماضية للمرة الأولى منذ عامين؟
تشير التقارير المختلفة الى ان الاضطرابات السياسية في المرحلة السابقة ادت الى خفض الإنتاج في العديد من الدول مثل ليبيا وإيران والعراق ، ومؤخرا بدأت تلك الدول في العودة الى السوق بشكل اوسع وزيادة انتاجها ويبلغ الانتاج العالمي حاليا حوالي 90 مليون برميل يوميا حصة الاوبك منها 30 مليون برميل ، كما زاد الانتاج الامريكي بنسبة 70% منذ سنة 2008م جزء كبير منها من النفط الصخري الذي انخفضت تكلفة انتاجه من حوالي 90 دولارا إلى اقل من 60 دولار ولقد شجع ذلك العديد من الشركات في التوسع بإنتاج النفط الصخري الذي ارتفع انتاجه من حوالي 500 الف برميل الى مليوني برميل يوميا اثرت على العرض والطلب ولقد ادى ذلك الى استغناء السوق الامريكي عن نفط دول غرب أفريقيا بما في ذلك نيجريا والكاميرون و غينيا و ساحل العاج حيث اتجهت تلك الدول للتصدير الى دول جنوب شرق آسيا مثل الصين والهند ، وفي الوقت ذاته اتجهت بعض الدول لزيادة الانتاج لتخفيض الاسعار بهدف ممارسة نوعا من الضغوط الاقتصادية على دول اخرى لتحقيق مكاسب سياسية.
ومن الملاحظ انه في الوقت الذي أدى فيه انخفاض اسعار النفط بالدولار الى انخفاض كبير في ايرادات بيع النفط لدى الدول المصدرة ، نجد ان كلفة استيراد النفط زادت في الدول المستوردة حيث تدفع الكثير من تلك الدول مثل اليابان والصين والهند وغيرها من الدول مبالغ اعلى بكثير عن النفط الذي بقيمته الحالية دون 88 دولار عن ما كانت تدفعه عندما كان سعر النفط اكثر من 110 دولار عندما يتم احتساب التكلفة بعملاتها المحلية بسبب الارتفاع الكبير في سعر صرف الدولار خاصة خلال الاسابيع الماضية مما ساهم في خفض الطلب على البترول.
ـ الى أي مدى يؤثر سعر النفط الحالي على خطط الانفاق وتعزيز الاحتياطي في الموازنة العامة للدولة وما هو الحد الذي يمكن عنده استشعار الخطر؟
ـ في حال تأثر الانفاق الحكومي بانخفاض أسعار النفط الى أي مدى يمكن أن يؤثر ذلك على المشاريع التنموية بالسلطنة؟
لقد بنيت موازنة السلطنة للسنة الحالية على اساس سعر 85 دولار للبرميل ولا اعتقد ان اجمالي المعدل السنوي لإيرادات السلطنة لهذه السنة ستقل عن المبلغ المستهدف وفي الوقت ذاته من الملاحظ ان هنالك الكثير من الاعتمادات الاضافية للموازنة الحكومية خلال السنوات الثلاثة الماضية وقد تكون هذه فرصة مواتية لإيجاد نوع من التوازن في الانفاق الحكومي لتحقيق الاهداف المتناقضة التي تسعى الحكومة لتحقيقها في نفس الوقت مثل التوسع في المشاريع والرغبة في التقليل من العمالة الوافدة في السلطنة.
من المؤسف غياب البعد الاستراتيجي وعدم وجود أية سياسة نفطية تحدد اولوياتنا بدلا من ذلك لقد كان التوجه و ما زال في انتاج كل ما يمكننا انتاجه و انفاق كل ما يمكننا انفاقه واستيراد عمالة كبيرة من الخارج بدلا من انتاج الكميات التي تحقق الاحتياجات الاساسية للمواطنين ، بالنسبة لي المهم في الامر والعلاج في اعادة النظر في منهجية التخطيط التي فشلت في تحقيق معظم اهدافها الرئيسة التي وضعتها منذ الخطة الخمسية الاولى من قبيل تنويع مصادر الدخل والتنمية البشرية وإصرارنا على العمل بنفس المنهجية الفاشلة وان ينحصر دورنا في اوقات الازمات بمعالجات مبنية على ردود افعال وترقيع.
ـ مع ارتباط سعر النفط عكسيا بسعر الدولار الأميركي بمعنى أن انخفاض النفط يؤدي غالبا الى ارتفاع الدولار هل في ذلك تأثير على اسعار السلع والخدمات بالسلطنة نظرا لارتباط الريال العماني بالدولار الأميركي؟
لقد وصلت نسبة التضخم الى ادنى مستوياتها في السلطنة في العام الماضي بسبب التدخلات الحكومية التي منعت زيادة الاسعار بقرار سياسي وهذا علاج قصير المدى غير قابل للاستدامة وبالرغم من كون الريال العماني مربوط بالدولار الامريكي إلا أن الاسباب الرئيسية المحتملة للتضخم في السلطنة في المرحلة الحالية قد تكون مرتبطة بالعوامل الداخلية مثل أسعار الأراضي والعقارات ، اما فيما يتعلق بالعوامل الخارجية فإنه في مثل هذه الحالات عادة ما يلجأ التجار الى استبدال الاستيراد من الدول التي تزيد قيمة سعر صرف عملاتها الى دول اخرى حيث تكون بضائعة منافسة في السوق.
ـ هل هناك مخاطر من انطلاق تسابق لخفض الأسعار خاصة بين دول منظمة اوبك وهل تخفيض المنظمة لإنتاجها سيساهم في ضبط الأسعار؟
كما اشرت سابقا بعض الدول بما في ذلك بعض دول الاوبك سعت لتخفيض الاسعار بهدف ممارسة ضغوط اقتصادية وتحقيق مكاسب سياسية ، حاليا حصة الاوبك تمثل حوالي ثلث الانتاج العالمي ودول الاوبك غير متوافقة سياسية ولا اعتقد انه يمكنها ان تتوصل لتفاهم وخفض الانتاج بنسب تؤثر على السوق إلا عندما تنخفض الاسعار بشكل كبير ويشعر الجميع بالخطر خاصة انه على المدى القصير نجد ان قطر لن تعاني من العجز المالي إلا اذا نزلت الاسعار دون 55 دولار والكويت حوالي 65 دولار بينما الامارات والسعودية اقل من 100 دولار وعمان في حدود 105 دولار
العامل المهم الذي يجب ان لا نغفل عنه سعر صرف الدولار ومن صالح امريكا أن لا يبقى مرتفعا حتى لا يؤثر ذلك على صادراتها ويزيد من عجزها التجاري ومن المؤكد ان امريكا ستسعى لخفض قيمة الدولار على ضوء التطورات السياسية في المنطقة خاصة فيما يتعلق بخلافاتها مع روسيا في العديد من دول المنطقة ، و من المحتمل أي يؤدي انخفاض سعر صرف الدولار خاصة مقابل الين الى زيادة اسعار النفط.

