مقابلة مع جريدة الوطن  حول أداء القطاع الخاص في ضوء تعديلات قانون العمل – 5 ابريل 2011

مقابلة حول أداء القطاع الخاص في ضوء تعديلات قانون العمل

مع جريدة الوطن – 5 ابريل 2011

ـ كيف تقيمون أداء القطاع الخاص خلال المرحلة القادمة؟

عندما نتحدث عن القطاع الخاص يجب ان نحدد ما هو القطاع الخاص ، القطاع الخاص عبارة عن منشآت تجارية أوصناعية 71% من تلك المنشآت عبارة مؤسسات يمتلكها تاجر فرد عماني بالكامل وأخرى شركات خاصة يمتلكها فردين أو أكثر منها المحدودة المسؤولية او التضامنية او التوصية او المحاصة وأخرى مساهمة بعضها عامة واسهمها مطروحة في الاسواق المالية وأخرى مغلقة وهي اقرب الى المحدودة المسؤولية. ووفق أخر الاحصائيات فإن عدد تلك المنشآت حوالي 168 ألف مؤسسة تجارية مسجلة في غرفة تجارة وصناعة عمان 37% منها مسجلة في محافظة مسقط و63% خارج مسقط ، 90% منها يقل رأسمالها عن 100 ألف ريال عماني، و2% فقط يزيد رأسمالها عن 250 ألف ريال عماني، وهذه المنشآت تعمل في جميع الانشطة الاقتصادية بما في ذلك الزراعة وصيد الأسماك والتعدين واستغلال المحاجر والصناعات التحويلية وإمدادات الكهرباء والغاز والمياه والإنشاءات وتجارة الجملة والتجزئة وإصلاح السيارات والفنادق والمطاعم والنقل والتخزين والاتصالات والوساطة المالية  والانشطة العقارية والايجارية والتعليم والصحة والعمل الاجتماعي وخدمات المجتمع والخدمات الشخصية واكثرمن نشاط أو نشاط غير مبين.

وبالتالي سيكون هنالك تفاوت كبير في آداء تلك الشركات بين نشاط ونشاط آخر،  بعض القطاعات سيكون وضعها مريح وستتمكن من تجاوز الازمة بسهولة بسبب طبيعة عملها وقطاعات أخرى سيكون وضعها مقلق لأنها ستكون سريعة التأثر بأية تغييرات في السياسات وفي اوضاع السوق وسيؤدي ذلك الى إعادة هيكليتها و خروج البعض من السوق وافلاسها وانتقال البعض الأخر الى دول مجاورة أذا وجدت نفسها هناك في وضع تنافسي افضل ولا يمكن من منعها لدخول السوق العماني وسينجم عن ذلك فقدان بعض الوظائف من جهة وزيادة في نسب الاسعار من جهة أخرى ، بسبب زيادة تكلفة الانتاج أو بسبب الفرق بين الطلب والعرض ومن القطاعات التي ستكون أكثر تأيثرا على المواطنين قطاع البناء والخدمات والصناعات الغذائية ، وعلى المستثمرين القطاع السياحي والتأمين وقطاع النفط ، وذا أخذنا في الاعتبار المشاكل الحالية ومطالب العمال من جهة و مطالب الشركات من جهة أخرى واسلوب العلاج الذي شاهدناه في الاسابيع الاخيرة ، أخشى أن أقول اننا سنواجه فواتير كبيرة ستكون مستحقة الدفع ومن المؤسف القول أن اسلوب العلاج وادارة الازمة يساهم في رفع حجم تلك الفواتير والاولوية ستكون في معالجة تبعات العلاجات الخاطئة ، لذا فإنه ينبغي على الجميع التعقل والاحتكام للقانون لأنه سيخدم مصلحة الجميع ويقلل من الاضرار.

على سبيل المثال كان ينبغي معالجة مطالب العمال وفق قانون العمل واللوائح التي حددت آلية المفاوضة الجماعية بهدف حسم النزاع العمالي الجماعي أو تحسين شروط وظروف العمل أو رفع كفاءة الانتاجية وتنظيم الاضراب السلمي والاغلاق،  ولكن عند حدوث الازمة وجدنا كبار المسؤولين الحكوميين يتوجهون للتفاوض مع المعتصمين مباشرة بالنيابة عن شركات القطاع الخاص ويتفقون معهم على الحلول وفق آليات مخالفة للإجراءات والآليات القانونية المعتمدة لعلاج مثل تلك الحالات ، او الإتفاق مع بعض تلك الشركات التي لا تمثل الجميع بإلتزامات ليس من صلاحيتهم الالتزام بها والشركات تطالبهم الأن بسداد مستحقات تفاوضاتهم،  بينما كان من المفترض أن ينحصر دورهم في رعاية المفاوضات وفق أحكام القانون ولقد شجع هذا الامر الآخرين على تجاوز الاطار التفاوضي الذي حدده القانون وبدلا من معالجة الموضوع خلق مشاكل أكثر تعقيداً ، مما لا شك فيه أن الضروف استثنائية ولا توجد سوابق مرجعية وقد تكون النوايا حسنة ولكنها الامور لا تعالج بالنوايا الحسنة فقط.

وفي الوقت نفسه من المؤسف ان نجد بعض فئات القطاع الخاص تحاول استغلال الفرصة بالتقدم بالكثير من المطالب غير المعقولة خلال اجتماعها مع بعض المسؤولين الحكوميين في غرفة تجارة وصناعة عمان ، لقد خرج مشهد الاجتماع وكأنه اعتصام مكمل للإعتصامات الاخرى ورآى البعض استغلال الفرصة لتتقدم بمطالبها سواء كانت تلك المطالب لها علاقة ومتآثرة بالأحداث وهي مطالب مشروعة من الضروري إيجاد حلول فورية لها،  أو لا علاقة لها بذلك ولكن يمكن أن تمثل فرصة قد لا تتكرر لتحقق لهم مكاسب إضافية ومثل تلك الامور هذا ليس وقتها ويجب ان لا نكون انتهازيين ونخلط الامور.

كما ينبغي هنا ان نتوقف عند ما ذكره  الوزير المسؤول عن الشؤون المالية بأن حوالي 3000 شركة فقط تدفع الضرائب ، إذا كنت واحدا من تلك الشركات التي تدفع الضرائب اليوم لا ينبغي على أن أقلق كثيرا ولكن قلقي يجب ان يكون أكبر إذا كنت لا ادفع الضرائب وإذا كنت واحدا من اصحاب 165 الف شركة الاخرى التي لا تدفع الضرائب لأنها اما ان تكون تحقق خسائر او ان ارباحها لا تتجاوز 30 الف ريال عماني ، ان أي علاج يجب أن يركز على توسيع القاعدة وتحديد الكيفية التي تمكن من تطوير ومنح فرص عمل للشركات التي لا تدفع الضرائب حتى  تمكنها من المساهمة في سوق العمل وتحقيق ارباح وبالتالي دفع الضرائب وألا ينحصر العلاج على منح المزايا للشركات التي تحقق حاليا الفوائد الكبيرة وتعرف تماما كيف ستسترد كل تكاليفها وفوقها بعض المكاسب الإضافية ، وأن يأخذ في الاعتبار أن عدد الشركات النشطة المسجلة في مجلس المناقصات محدودة للغاية حيث نجد ان عدد المنشأت المسجلة في مجلس المناقصات في حدود خمسة الاف شركة أقل من 150 منها مسجلة في الدرجة الممتازة ومعظمها في قطاع المقاولات و150 في الدرجة الاولى و200 في الدرجة الثانية و175 في الدرجة الثالثة و400 شركة في الدرجة الرابعة، أما في مجال التوريدات حوالي240 شركة في الدرجة الممتازة و 450 شركة في الفئة الاولى واقل من 40 شركة في الفئة الثالثة حوالي 140 شركة في الفئة الرابعة.

ـ لكي يستطيع القطاع الخاص ان يتعاطى مع التطورات الاخيرة المتمثلة في تشغيل عدد من القوى العاملة الوطنية ورفع الحد الادنى للاجور.. ما هو الواجب على الحكومة ايضا ان تقوم به تجاه القطاع الخاص؟

يجب أن نتذكر اننا نعمل في اقتصاديات حرة ومفتوحة وان أي قرار نتخذه سيكون له  تأثير على تنافسيتنا في بيئة التجارة البينية الخليجية والتزاماتنا الدولية لأن كل قرار سيترجم الى تكلفة مباشرة أو غير مباشرة  ومن خلال عناصر ومدخلات الإنتاج تصبح  تكاليف الإنتاج في السلطنة أعلى من مثيلاتها في دول المجلس والدول الاخرى. وبطبيعة الحال فإن ارتفاع تكاليف الإنتاج يضعف الوضع التنافسي للمنتجات العمانية أمام مثيلاتها المستوردة ، لذا فإنه من الضروري إيجاد عملية التناغم في السياسات والتكلفة خاصة على مستوى دول مجلس التعاون حتى نتجنب هجرة الاعمال بين دول المنطقة ، كما يجب بجانب العوامل الاقتصادية إيجاد تناغم سياسات البنية التحتية لتحقيق التنافسية خاصة في مجال البنية التشريعية والقضائية وفي بيئة الاقتصاد الكلي والصحة والتعليم والتدريب والاستعدادات التقنية وسياسات العمل والأسواق المالية، والبيئة الكفيلة بتطوير الاعمال والابتكار.

لقد سبقت الجمعية الاقتصادية العمانية الاحداث وآجرت في وقت سابق من العام الماضي استبياناً لقياس تصورات رجال الأعمال في عمان للبيئةِ الاقتصادية الحاليةِ، والوقوف على التحديات التي تواجه قطاع الأعمال بهدف إيجاد حلول تمكن هذا القطاع من النمو وخلق فرص عمل جديدة في الاقتصاد وكان الهدف من ذلك تطوير مؤشر الجمعية لثقة أصحاب الأعمال ولقد تم التوصل خلال ذلك الاستبيان الى  أنه بالرغم من الثقة بمستقبل الأوضاع الاقتصادية العامة بالسلطنة خلال سنة واحدة من الآن إلا أن التوقعات بتحقيق أرباح أكثر في الفترة ذاتها أقل بكثير من ذلك ، وتوصل الاستبيان الى وجود أمور بحاجة إلى معالجة فورية وأعتقد أن الأحداث التي جرت تجعل إيجاد الحلول لها أكثر إلحاحاً مثل :-

  • ضرورة التركيز على معالجة الانطباعات الخاصة بدور الوساطة في قراراتِ المسؤولين الحكوميين
  • ضرورة معالجة الأسباب  التي وضعت جودة مخرجات التعليم والإجراءات الإدارية الخاصة بالقوى العاملة  في ادني سلم القياس.
  • ضرورة العمل على تحقيق التناغم بين الرضا عن كفاءة أداء الموظفين الحكوميين والاجراءات الإدارية الحكومية بشكل عام التي تبين انها في مستوى ادنى من مستوى اداء الموظفين.
  • ضمن 15 سؤال من اسئلة مؤشر الجمعية كان مستوى الرضا أقل من 50% في جميع الحالات ما عدا مستوى التفاؤل الذي حقق نسبة 63% وبالتالي على الجهات المعنية النظر في آليات تحسين مستوى آدائها .

كما تم التطرق إلى الأمور الاخرى التي هي بحاجة إلى معالجة فورية  وفق نتائج التقارير الدولية من قبيل:-

  • ترتيب السلطنة حسب المؤشر الدولي لسهولة ممارسة أنشطة الأعمال الذي يركز على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة 57  من مجموع 183 دولة في العالم  وعلى مستوى منطقة الشرق الأوسط الترتيب السادس (6) ، إلا أن ترتيب السلطنة حسب نفس المؤشر فيما يتعلق بالحصول على الائتمان 128 وهذا أدنى مستوى في ال 9 مؤشرات، بينما مؤشر إنفاذ العقود في مستوى ال   104
  • ضرورة التركيز على معالجة المشاكل المتعلقة  بالحصول على الائتمان والإجراءات القانونية لإنفاذ العقود  حيث أن المؤشر الدولي لسهولة ممارسة أنشطة الأعمال وضع السلطنة في مستويات متأخرة بسبب التدني الكبير للنسب الخاصة بتلك المؤشرات.
  • ضرورة العمل على رفع المعدل العام للسلطنة في المؤشر الدولي لسهولة ممارسة أنشطة الأعمال في الدول خاصة في مجال بدء النشاط التجاري وتسجيله واستخراج تراخيص البناء وحماية المستثمرين والتجارة عبر الحدود وتصفية النشاط التجاري ، حيث أن ترتيب السلطنة في تلك المؤشرات متدني وأقل بكثير من معدل الترتيب العام للسلطنة في المؤشر.
Shopping Cart
Scroll to Top