بيان المكرم الشيخ محمد بن عبدالله الحارثي
رئيس اللجنة الاقتصادية الموسعة – مجلس الدولة
في الجلسة العامة عن مشروع الموازنة العامة للعام 2023م
معالي الدكتور رئيس المجلس،
المكرمون والمكرمات أعضاء المجلس
سعادة الدكتور الأمين العام ،
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ،
في مستهل هذا البيان يسرني إنابة عن زملائي أعضاء اللجنة أن نؤكد على أهمية التوجيهات السامية التي تم الإعلان عنها مؤخرا في اجتماع مجلس الوزراء الموقر المنعقد بتاريخ 17 نوفمبر 2022م بإطلاق “البرنامج الوطني للاستدامة المالية وتطوير القطاع المالي” وأن نشيد بإقرار الإلغاء والخفض والدمج لمجموعة إضافية من رسوم الخدمات الحكومية، واعتبار ملف تشغيل المواطنين الباحثين عن عمل أولوية وطنية قصوى، كما نثمن حرص جلالة السلطان – حفظه الله- على استمرار تقديم الدعم اللازم للتخفيف من آثار التضخم على الأوضاع المعيشية للمواطنين، حيث قضت التوجيهات السامية باعتماد مجموعة من المبادرات ذات الأثر المباشر.
الإخوة والأخوات المكرمين ،،،،
تزامن توقيت إعداد مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2023م مع أحداث وظروف استثنائية يعكسها المشهد الاقتصادي العالمي المضطرب؛ بين تداعيات جائحة كورونا ومحاولات التعافي منها، وبين موجة ركود تضخمي تفاقمت في أعقاب الأزمة الروسية-الأوكرانية.
عليه، رأت اللجنة الاقتصادية الموسعة أهمية التركيز على مشروع الموازنة في إطار سياسات الاقتصاد الكلي والاهتمام بالمخاطر المحتملة للمتغيرات الخارجية على الاقتصاد الوطني، وخلصت إلى تقديم العديد من التوصيات والمرئيات مفصلة في محاور التقرير الستة والمتمثلة في:
المــرئــيات العامة.
الإيرادات العامة (بشقيها النفطي وغير النفطي).
الإنفاق العام (الجاري والرأسمالي وخدمة الدين العام).
العجــــــز الجاري ووسائل التمويل.
المـــــــركز المــــــالـــي.
تقديرات الصرف على الموازنة الإنمائية للعام 2023م.
الإخوة والأخوات المكرمين ،،،،
تشيد اللجنة الاقتصادية الموسعة بالنتائج التي حققتها الميزانية خلال العام 2022م بوضع الدين العام على مسار نزولي إلى (18,4) مليار ريال عُماني نحو (47%) من الناتج المحلي الإجمالي (وهو تحسُّن صاف يقدر بـ (36%) من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة مع تقديرات الخطة المالية متوسطة المدى في عام 2022م)، ورفع التصنيف الائتماني مرتين هذا العام، وتحقيق فائض نقدي في ميزانية العام الماضي بنسبة (5.5%) من الناتج المحلي الإجمالي وفقا لتقديرات مشروع الموازنة العامة للسنة المالية 2023م.
كما يتوقع – وفقا لتقديرات مشروع الموازنة العامة- أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي نموا بنحو (4.6% (بنهاية عام ٢٠٢٢م، حيث يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي النفطي (7.5%) والناتج المحلي الإجمالي غير النفطي (2.9%)، كما يتوقع بنهاية عام 2023م أن يصل نمو الاقتصاد العُماني إلى (5.6%).
لقد مكن ارتفاع أسعار النفط وتدابير الضبط المالي ومؤشرات الاستقرار المالي، وقدرة النظام المصرفي ، تجاوز الصدمات على نحو جيد نسبيا، مدعوما بهوامش رأسمالية وسيولة مناسبة و تحسين للوضع المالي ، ومع ارتفاع الصادرات النفطية يُتوقع أن يتحسن رصيد الحساب الجاري ليحقق فائضا قدره (6.8%) من إجمالي الناتج المحلي في عام 2022م.
الإخوة والأخوات المكرمين ،،،،
إلا انه رغم الجهود الحكومية المقدرة، والنتائج الجيدة في أداء مسار التعافي، لاتزال المالية العامة تعاني من أعباء تفوق طاقتها؛ حيث يواجه مشروع الموازنة العامة للسنة المالية 2023م تحدي الوصول إلى مقاربة توازنيه بين متطلبات توسعة الإنفاق العام خاصة الإنفاق الاستثماري وضمان الاستقرار المالي واستدامة النمو الاقتصادي، إضافة إلى توقعات استمرار وتيرة رفع معدلات الفائدة الحقيقية، وإمكانية تراجع التصنيف الائتماني المرتبط بصورة قوية بتقلبات أسعار النفط، مع ضعف نمو الائتمان المقدم للقطاع الخاص، ما يؤدي إلى تثبيط الاستثمار وتراجعه، وتوجيه سياسة المالية العامة نحو تخفيف الضغوط الناجمة عن تراجع الأداء الاقتصادي والركود المتوقع مع زيادة التشدد النقدي محليا وعالميا.
وقد رات اللجنة الاقتصادية الموسعة أهمية النظر في مراجعة تقديرات مشروع الموازنة العامة للسنة المالية 2023م بحيث تتسق أهدافها ونتائجها المرجوة مع حجم التحديات المتوقعة في العام القادم. وأن يسهم مشروع الموازنة العامة بصورة أساسية في تحسين مستويات المعيشة للمواطنين وتعزيز دور قطاع الأعمال في الاقتصاد الوطني، عن طريق الإعلان عن موازنة متوازنة متفائلة مع الأخذ في الاعتبار مبادئ التحوط اللازمة.
الإخوة والأخوات المكرمين ،،،،
أن نجاح تحقيق الاستدامة الاقتصادية والمالية يعتمد على قدرة تحقيق نمو اقتصادي شامل ومتواصل بالتركيز على الإنفاق الاستثماري، إلى جانب التكيّف المستمر مع المتغيرات والصعوبات المالية المحلية والعالمية والتحليل المستمر لكل المخاطر المحتملة، كذلك إحكام الرقابة باستمرار على جودة الأصول المصرفية، والتصدي للمشكلات التي يعاني منها المواطنون وفي مقدمتها التشغيل وتحسين المستوى المعيشي، وبناء منظومة متكاملة للحماية الاجتماعية، ويكفل هذا بدوره التأييد الاجتماعي والسياسي للسياسات الداعمة للنمو، ومن ثم بناء الثقة في مشروع الموازنة العامة السنوي.
كما رأت اللجنة الاقتصادية الموسعة ضرورة الترتيب الاقتصادي لأولويات الإنفاق؛ وإعادة النظر في أساليب تحقيق أهداف الإنفاق العام، وتقييم سياسات الدعم للأنشطة الإنتاجية ومراجعتها وربطه بمعايير رفع كفاءة الأداء وإصلاح الهياكل التمويلية، والعمل على تنمية رأس المال البشري، وتنمية الموارد غير الضريبية، وزيادةِ التمويل المتاح للقطاع الخاص، وتخفيض أسعار الفائدة المحلية، وضخ السيولة في الأسواق بما في ذلك العمل على إيجاد استثمارات إضافية للاقتصاد العُماني؛ حيث لم يتضح أثر المصفوفة على الموازنة.
ومن المهم كذلك تخفيف القيود على سوق العمل، و اعتماد قانون عمل مرن مواكب للواقع الفعلي للقطاع الخاص و لمتطلبات تنميته ، لما لذلك من آثار مباشرة على الاستثمار، وتطوير بيئة ومناخ الأعمال، وتوظيف الباحثين عن عمل، بما يدعم المالية العامة واستدامة الاقتصاد العُماني.
الإخوة والأخوات المكرمين ،،،،
لقد بينت مناقشات اللجنة الاقتصادية الموسعة مدى الحاجة إلى مراجعة سياسات مشروع الموازنة للسنة المالية 2023م وتقديراتها ، وخاصة فيما يتعلق بالموازنة الإنمائية ومنهجية إعدادها، كما ينبغي مراجعة المبادرات الحكومية الحالية المختلفة ، والتأكد من مدى قدرتها على معالجة التحديات الحالية في الاقتصاد العُماني، والعمل على تطوير هيكل ونموذج الاقتصاد ليكون قائما على الإنتاجية، مع الاهتمام بخفض تكاليف الإنتاج، وتقديم حوافز ووضع التشريعات لتشجيع الادخار وتطبيق مفاهيم الاقتصاد الأخضر والدائري، وتطبيق سياسات صناعية مراعية للتكلفة، وللابتكار والتنمية الذكية واستكمال خطة التحول الرقمي وأتمتة العديد من الأنشطة الخدمية التي تضمن توفير فرص عمل جديدة، وبناء اقتصاد مواكب ومتطور وأكثر تنافسية وتنوعًا في مصادر الدخل، وبحيث يمكن قياس أثر تلك السياسات على الاقتصاد العماني.
الإخوة والأخوات المكرمين ،،،،
ختاما يسرني أن أتقدم بجزيل الشكر والتقدير لكل من ساهم في إعداد هذه المرئيات، واخص بالشكر أعضاء اللجنة الاقتصادية الموسعة، والفريق الفني المساعد، كما أشكر مقدما أعضاء المجلس المكرمين، بتقديمهم المقترحات وأية ملاحظات فنية يمكن أن تسهم في إثراء التقرير.
والشكر كذلك لمجلس الشورى على تقريره والتوصيات التي توصل لها والتي اتفقت اللجنة الاقتصادية الموسعة معها في إطارها العام مع التأكيد على بعض النقاط التي تم تحديدها في التقرير.
والله ولي التوفيق ،،،

