مشروع الموازنة العامة للعام 2020م (ديسمبر 2019)

بيان المكرم الشيخ محمد بن عبدالله الحارثي

رئيس اللجنة الاقتصادية- مجلس الدولة

في الجلسة العامة عن مشروع الموازنة العامة للعام 2020م

معالي الدكتور رئيس المجلس،

المكرمون والمكرمات أعضاء المجلس

سعادة الدكتور الأمين العام ،،،

السلام عليكم ورحمة الله تعالى،

تعتبر الموازنات السنوية ترجمة للخطط التنفيذية السنوية الحكومية لخططها الخمسية ، كما يمثل مشروع الموازنة العامة للسنة المالية 2020 مرحلة مفصلية للمسار التنموي في السلطنة، باعتبارها السـنة الأخيرة من الخطة الخمسية التاسعة 2016-2020 م، و السنة التمهيدية لانطلاق المرحلة التنفيذية الأولى للرؤية المستقبلية عُمان 2040، ممثلة في الخطة الخمسية العاشرة (2021 – 2025) ، إلا أن من الملاحظ أنه تم إعدادها بنفس نسق و منهجية الموازنات السابقة التي اتسمت بعلمية نسخ ولزق الأرقام بالرغم من الملاحظات الجوهرية لمجلس عمان في موازنات السنوات الماضية.

و في الوقت ذاته حذر مشروع الموازنة “من أن مؤشرات المالية العامة قد وصلت إلى مراحل خطرة مما يتطلب القيام بإجراءات لتدارك تلك المخاطر” ؛ مما يطرح العديد من التساؤلات حول دور وزارة المالية تجاه تلك الإجراءات، ومن هي تلك الجهات المطلوب منها أن تحول مقترحات الحلول إلى تطبيق، والجهات المسؤولة عن واقع تحريك هذه الإجراءات من الناحيتين الإجرائية والقانونية، وماهي آليات محاسبتهم ومتابعتهم في حالة أي تقصير.

كما لم تتعرض الموازنة إلى سياسات اقتصادية واضحة ومحددة بإمكانها تحفيز الأداء المالي وتعزيز الإيرادات وكفاءة الإنفاق وتقليل العجز بالموازنة وتعظيم الفوائد من أصول الدولة ولم تتطرق إلى سياسات تحسين البيئة الاقتصادية الكلية وبرامج تحفيز النمو في القطاع الخاص والتنويع الاقتصادي وتوطين الاستثمارات وأيضا التدابير الاحترازية والاستجابة في حال الظروف غير المواتية. ويلاحظ كذلك غياب الاستهداف الكمي أو أية مؤشرات عن التشغيل التي تعتبر من أكبر التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه مشروع الموازنة العامة للدولة.

حيث أخفقت مذكرة المجلس الأعلى للتخطيط المعنية بالنفقات الاستثمارية و المصروفات الإنمائية من تعزيز البعد الاقتصادي للموازنة، من خلال وضع  برامج واضحة لتوسعة القاعدة الإنتاجية،  وتحديد سياسات الموائمة بين متطلبات تحسين الأداء الكلي، ومستهدفات الخطة من جهة، ومتغيرات المالية العامة ومستهدفاتها من جهة أخرى، و أن تضع برامج عمل وسياسات اقتصادية واضحة يتضمنها مشروع الموازنة في مواجهة تحديات اختلال الميزان التجاري وميزان المدفوعات، وتراجع الإيرادات العامة، وتنامي أعداد الباحثين عن عمل، والحاجة إلى زيادة معدلات الاستثمار المختلفة وغيرها من التحديات.

خاصة أنه وفقا لتقارير التصنيف الائتماني الأخيرة عن السلطنة فأن هناك توقعات سلبية تواجه النظام المصرفي؛ قد تؤدي إلى تقييد الموارد المالية الحكومية والحد من التمويل والسيولة، ومع ضعف المعايير المالية، مما قد يؤدي إلى تراجع رغبة المستثمرين في تمويل العجز بتكلفة مناسبة ومتوافقة مع الظروف المالية كما أن آفاق الاقتصاد بوجه عام تتعرض للعديد من المخاطر المحتملة تتصل بأسعار النفط، وتقلبات أسعار الفائدة الأمريكية.

الإخوة والأخوات المكرمين ،،،،

من الواضح أن مشروع الموازنة العامة للسنة المالية 2020م لم يأخذ في الاعتبار ضرورات التمهيد لرؤية 2040 من خلال تقديم برامج وآليات واضحة لتحقيق أهداف الموازنة، إذ أنه – كما هو معلوم- لا يمكن التعامل مع الموازنة بمعزل عن الاقتصاد الوطني والخطط التنموية حتى تكون السياسة المالية محكومة مع أسس واضحة ومعايير واضحة للالتزام المؤسسي مما يؤدى إلى كفاءة الإنفاق ويدعم الخطوات اللازمة للاستدامة المالية للدولة.

لقد رأت اللجنة الاقتصادية الموسعة أهمية التركيز على مشروع الموازنة في إطار سياسات الاقتصاد الكلي وخلصت إلى تقديم العديد من التوصيات والمرئيات مفصلة في محاور التقرير الستة والمتمثلة في:

الملاحظات العامة،

الإيرادات العامة (بشقيها النفطي وغير النفطي)،

الإنفاق العام (الجاري والرأسمالي والإنمائي وخدمة الدين العام)،

المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية،

العجــــــز الجاري ووسائل التمويل،

والمــــــركز المــــالــــي.

كما تضمن التقرير ملخصا تنفيذيا.

وعليه، نأمل أن تساهم ملاحظات اللجنة الاقتصادية الموسعة بالتركيز على التحديات والسلبيات التي تتطلب تصحيحا، وتقديم توصيات محددة قابلة للتطبيق، في تعزيز مشروع الموازنة العامة للدولة، والإسهام مع جهود الحكومة تحقيق الاستدامة المالية وتعزيز قوة الاقتصاد العماني وتمكينه من مواجهة التحديات المختلفة التي ستواجه رؤية 2040 والخطط الخمسية العاشرة المصاحبة لها.

وختاما يسرني أن أتقدم بجزيل الشكر والتقدير لكل من ساهم في إعداد هذه المرئيات، واخص بالشكر أعضاء اللجنة الاقتصادية الموسعة واللجنة المصغرة، والفريق المساعد، كما أشكر مقدما أعضاء المجلس المكرمين، بتقديمهم المقترحات وأية ملاحظات فنية يمكن أن تسهم في إثراء التقرير.

والشكر كذلك لمجلس الشورى على تقريره والتوصيات التي توصل لها والتي اتفقت اللجنة الاقتصادية الموسعة معها في إطارها العام مع التأكيد على بعض النقاط التي تم تحديدها في التقرير.

والله ولي التوفيق ،،،

Shopping Cart
Scroll to Top