بيان المكرم الشيخ محمد بن عبدالله الحارثي
رئيس اللجنة الاقتصادية الموسعة – مجلس الدولة
حول مشروع الموازنة العامة للدولة عن السنة المالية 2021م
معالي الشيخ رئيس المجلس،
المكرمون والمكرمات أعضاء المجلس
سعادة الأمين العام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسرني قبل استعراض مرئيات وملاحظات اللجنة الاقتصادية الموسعة حول مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2021م، أن أتقدم بجزيل الشكر والتقدير لكل من ساهم في إعدادها، واخص بالشكر أعضاء اللجنة الاقتصادية الموسعة، والفريق الفني المساعد، كما أشكر مقدما أعضاء المجلس المكرمين، بتقديمهم المقترحات والملاحظات التي يمكن أن تسهم في إثراء التقرير.
والشكر موصول إلى وزارة المالية والى مجلس الشورى على تقريره والتوصيات التي توصل لها، ونتفق مع جملة ما أبداه من رؤى وملاحظات، حيث تضمن عددا من المرئيات المشتركة، والتي تم التطرق إليها في تمهيد التقرير.
الأخوة والأخوات المكرمين
كما تعلمون يأتي مشروع الموازنة العامة للسنة المالية 2021م متزامنا مع مرحلة مهمة للمسار التنموي في السلطنة؛ تنفيذ خطة التنمية الخمسية العاشرة (2021-2025م) وانطلاق المرحلة الأولى للرؤية المستقبلية عُمان 2040، في ظل أزمة مزدوجة غير مسبوقة تراجع أسعار النفط واستمرار جائحة كوفيد 19، وتداعيات ذلك على مختلف المتغيرات والقطاعات الاقتصادية، وتأثيراته المباشرة على تقديرات المالية العامة وتوقعات النمو الاقتصادي ومستويات التشغيل المطلوبة، إضافة للتأثيرات الاجتماعية على معظم فئات المجتمع.
قامت اللجنة الاقتصادية الموسعة بدراسة مشروع الموازنة، وتؤكد على أن التحديات التي يواجهها الاقتصاد تتطلب أداء وجهودا استثنائية لمواجهتها والحد من أثارها على الاقتصاد الوطني وعلى المواطن العماني؛ كما نظرت اللجنة الاقتصادية الموسعة إلى مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2021م مقرونا مع برنامج التوازن المالي 2021-2024م، ومع خطة التنمية الخمسية العاشرة 2021-2025، والتأكيد على أن التحدي الرئيس الذي يواجه الموازنة العامة للدولة هو تحدى الاستدامة المالية، والذي يتحقق في حال وجود عجز بالموازنة العامة، بشرط عدم تغيير نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، وهذا ما يتطلب أن يكون محور اهتمام مشروع الموازنة العامة، وهذا يعنى أن الأولوية هي المحافظة على حصة الدين العام إلى الناتج المحلي وليس خفض عجز الموازنة والذي يعنى الضغط على الاقتصاد لمزيد من الانكماش، وتتطلب المحافظة على هذا النسبة توسعة الاقتصاد لزيادة الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعنى توجيه عجز الميزانية لحفز الاقتصاد عن طريق الإنفاق الإنمائي لتحقيق النمو الاقتصادي المطلوب.
وقد توصلت اللجنة إلى عدد من المرئيات التي من شأنها الإسهام مع جهود الحكومة في مواجهة التحديات المختلفة لمشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2021م، موزعة في خمسة محاور على النحو الآتي:
المحـــور الأول: ملاحظــات عامة.
المحــور الثاني: الإيرادات العامة (بشقيها النفطي وغير النفطي).
المحــور الثالث: الإنفاق العام (الجاري والرأسمالي والإنمائي وخدمة الدين العام).
المحـور الرابـع: العجــــــز الجاري ووسائل التمويل.
المحور الخامس: المــــــركز المــــالــــي.
الأخوة والأخوات المكرمين ،،،
مما يجدر الإشارة له، أن اللجنة الاقتصادية خلال السنوات السابقة قدمت من خلال دراساتها وتقاريرها حول مشروعات الميزانية العامة العديد من التوصيات، وقد نبهت مبكرا للعديد من المخاطر والتحديات التي يواجهها الاقتصاد العماني والتي تجلت معالمها مع الأزمة الحالية وأدت إلى تنامي حجم الدين العام بصورة كبيرة وارتفاع عجز الميزانية، وتراجعا بشكل مستمر في التصنيف الائتماني إلى أربعة مستويات لتندرج تحت “غير مجدية للاستثمار”، والبحث عن حلول وإجراءات ذات تبعات قاسية على الأداء الاقتصادي كان بالإمكان تجنبها فيما لو تم البدء بالمعالجات التي تم اقتراحها منذ فترة طويلة، وفي هذا الاطار قدمت اللجنة الاقتصادية مقترحا متكاملا لإصدار قانوني الدين العام والتخطيط التنموي والعديد من التوصيات في اطار حوكمة منظومة الأداء الاقتصادي وبما يضمن سلامة واستقرار الوضع الاقتصادي والمالي للسلطنة، ونأمل سرعة استجابة الحكومة في تطبيق تلك التوصيات وإصدار تلك القوانين تجنبا لدخول الاقتصاد إلى مراحل أكثر تعقيدا. ومعالجة التحديات التي تواجه المالية العامة في نواحي الاستدامة، والملاءة المالية، والسياسات المناسبة التي ينبغي اتخاذها لضمان استقرار الوضع المالي والحد من تراجع الأداء الاقتصادي.
برنامج ” التوازن المالي” باعتباره خطة متوسطة المدى (2021-2024)، بين المسار الذي ارتكز عليه مشروع الموازنة العامة للسنة المالية 2021م، ويهدف إلى إعطاء الموازنة بعدا استراتيجيا ومرونة أكبر في التكيف مع التغيرات في جانبي الإيرادات والنفقات. بالرغم من أهمية البرنامج والمحاور التي قام عليها، إلا أنه من المهم التأكيد على أولوية رسم سياسات البرنامج وفق قراءة دقيقة لتأثيراتها الاقتصادية الكلية:
أولا، على مستويات النمو، والتشغيل؛
وثانيا: على أوضاع المالية العامة.
ويجب ألا تتم التضحية بالنمو على حساب محاولة تحقيق توازن مالي سريع، وينبغي عدم التسرع في الإعلان المبكر عن خطوات تقشفية تؤدي إلى التأثير على قرارات الاستثمار الحالية والمتوقعة.
وفي هذا الإطار تؤكد اللجنة الاقتصادية الموسعة على أهمية وضع السياسات الكفيلة لتوسعة القاعدة الإنتاجية، وتفعيل المبادرات والأنشطة التي من شأنها زيادة الاعتماد على القطاعات غير النفطية، والموارد غير المستغلة بالشكل الكامل والصحيح، والاستفادة من المزايا النسبية الحقيقية العمانية وتوسعة مواعين الإيرادات وإتاحة الفرصة لمزيد من الاستثمارات والاستفادة من القدرات والبنية الأساسية عالية التكلفة التي يوفرها الاقتصاد العماني.
وختاما، نأمل أن تساهم ملاحظات ومرئيات اللجنة الاقتصادية في تعزيز مشروع الموازنة العامة للدولة، والإسهام مع جهود الحكومة تحقيق الاستدامة المالية وتعزيز قوة الاقتصاد العماني وتمكينه من تجاوز الأزمة الحالية.
والله ولي التوفيق

