مداخلة في “ندوة عمان” التي نظمها القسم الاقتصادي بجريدة عمان تحت عنوان “القطاع الخاص بين الدعم الحكومي وآليات الاقتصاد الحر
يناير 2012م.
القدرة التنافسية للاقتصاد العماني
عندما نتحدث عن هذا الموضوع يجب ان ندرك ان أداء المنشآت الاقتصادية يتحدد بطبيعة البيئة التي تمارس نشاطها فيها، والتي تتحدد بدورها بظروف، بعضها طبيعية مثل وفرة او ندرة عوامل معينة، موقع جغـرافي ، حجـم السكان .الخ ، او تنظيمية متعلقة بالسياسات والتشريعات الاقتصادية والاجتماعية التي تضعها الدولة ، كما اننا نعمل في بيئة شديدة التأثر والتأثير بأية قرارات تصدر سواء كانت تلك القرارات على الصعيد المحلي او الاقليمي او الدولي فسلطنة عمان عضو في مجلس التعاون الخليجي واذا ما اتخذت قرارات مقيدة في اية من الدول الاعضاء تحصل تلدول الاخرى على ميزة تنافسية افضل ، اضافة الى ذلك فإنه في سنة 1995 اعادت منظمة التجارة العالمية صياغة منظومة التجارة العالمية واصبحت العولمة من ابرز منتوجات تحرير التجارة الدولية وتحرير التجارة يلزم الدول بإلتزامات خارجية تنظمها بنود اتفاقية الانضمام لمنظمة التجارة العالمية وخطوات عملية داخلية يتطلب على الدول المنظمة ان تتخذها من اجل زيادة حجم تجارتها وهذا ما اصطلح عليه بالقدرة التنافسية والتي تمثل العنصر الاساس لمواجهة المنافسة الخارجية.
وتوجد العديد من التعريفات للقدرة التنافسية من ضمنها تعريف المنافسة العالمية لعام 1998 ، الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، ب ( قدرة البلد على تحقيق معدل مرتفع ومستديم لنمو حصة الفرد من الناتج المحلي الحقيقي، مع مراعاة الدخل في البداية، والسياسات المناسبة، والمؤسسات، وغيرها من السمات الاقتصادية)
وتعريف منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الذي عرفها على انها ( الدرجة التي يستطيع البلد ، في ظل اسواق حرة وعادلة، انتاج السلع والخدمات التي تنجح في اختيار الاسواق الدولية، وتحافظ في الوقت نفسه على توسيع الدخول الحقيقية لمواطنيها في المدى البعيد)
بينما عرفتها الاسكوا بـ ( قدرة الدولة على انتاج السلع والخدمات تحت شروط حرية السوق، ومواجهة تنوع الاذواق سواء في الاسواق المحلية او الدولية ، بحيث يتولد في الوقت ذاته توسعاً حقيقياً في دخول الافراد)
وبالتالي نجد إن القدرة التنافسية تتطلب توفر سوقاً حرة وعادلة ، لكي تتمكن الدولة من انتاج سلعة او خدمة معينة يمكنها اختراق الاسواق المحلية والخارجية وتحصل منه على عوائد تتمكن بموجبها من زيادة الدخل الحقيقي للفرد على المدى البعيد من خلال اتباع سياسات اقتصادية متوائمة مع حرية التجارة الدولية.
ووفق تقرير المنافسة الدولية هنالك عنصرين أساسيين لقياس القدرة التنافسية للدول :-
العنصر الاول:- يشتمل على العوامـل التي توفـر انتاجـاً منخفض التكالـيف :-
السياسات الحكومية ، المؤسسات المالية، البنى الارتكازية – المواصلات والمناطق الصناعية والاتصالات والطاقة – ، المستوى التكنولوجي، مستوى الكفاءة، والقدرة التنافسية لسوق العمل – من حيث قدرتها على توفير الايدي العاملة الماهرة والمتخصصة و تحديد مستويات الاجور في حدودها الدنيا .
العنصر الثاني :- تشتمل على المؤسسات التي تضمن عمل آلية السوق في ظل الانفتاح والمؤسسات التي تنظم المنافسة في القطاعات الانتاجية وتلك التي توفر آليات لتسوية المنازعات ، وتعتبر السياسات الحكومية مؤثر أساسي في القدرة التنافسية لكل دولة ، فبإمكان التشريعات والسياسات ان تؤثر على معدلات التشغيل ورفع او خفض انتاجية العمل وبالتالي تحسين شروط التبادل التجاري والتأثير على ميزان المدفوعات ، كما تلعب المؤسسات المالية دوراً مهماً في تنمية القدرة التنافسية من خلال توفيرها لرؤوس الاموال اللازمة و من خلال تحويل المدخرات المحلية الى استثمارات او في جذبها للإستثمارات الاجنبية عن طريق توفير المناخ الملائم له، وتعد درجـة تطـور المؤسسات المالية من العوامل المؤثرة في انتقال الاستثمارات من دولة الى اخرى.
الاهتمام بتطوير والنهوض بالقدرة التنافسية للمنتجات العمانية من السلع والخدمات لتمكينها من الصمود والمنافسة امام المنتجات الاجنبية في الاسواق المحلية والعلمية، يتطلب دراسة وتشخيص المعوقات والمشكلات التي تحد من قدرة هذه المنتجات على المنافسة، والعمل على ايجاد الحلول الناجمة لها بما يؤدي الى تعزيز القدرة التنافسية لتلك المنتجات.

