مؤتمر التنمية المستدامة بين التخطيط والواقع(2013)

كلمة الجمعية الاقتصادية العمانية

في حفل افتتاح المؤتمر السادس للجمعية

التنمية المستدامة بين التخطيط والواقع

مسقط ، سلطنة عمان ، السبت و الأحد 16 – 17 فبراير 2013 م 

يلقيها

الشيخ محمد بن عبدالله بن حمد الحارثي

رئيس مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية العمانية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين

أصحاب المعالي والمكرمين والسعادة

الأخوة والأخوات رؤساء وأعضاء الجمعيات الاقتصادية الخليجية وممثلو الجمعيات المهنية العمانية والإعلام وممثلو الجهات الراعية.

الأخوة والأخوات الضيوف والحضور الكرام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يسعدنا أن نرحب بكم في المؤتمر السادس  للجمعية الاقتصادية العمانية الذي يعقد تحت عنوان التنمية المستدامة بين التخطيط والواقع ، وأود بداية أن أشير الى أن الرؤية اتضحت منذ بدايات الخطة الخمسية الاولى بأن التحدي الذي يواجه اقتصاد السلطنة المتمثل في الاعتماد على الموارد النفطية يمكن تجاوزه بتنويع مصادر الدخل من خلال تشجيع الاستثمارات في مشاريع الصناعات التحويلية والتعدين ، والزراعة والأسماك ، ومشاريع التصدير باعتبار أن أهداف التنمية الاخرى بما في ذلك المحافظة على المكتسبات المحققة ، وتنمية الموارد البشرية وتنمية القطاع الخاص ، وتحقيق التنمية المستدامة ، مرتبطة بشكل مباشر بهدف تنويع مصادر الدخل ،  وسعت الحكومة الى التقليل من الاعتماد على الموارد النفطية والى تنويع مصادر الدخل لأن الموارد النفطية غير متجددة وتعتمد على سعر النفط وحجم الانتاج ، وإذا انخفضت اسعار النفط أو قل الانتاج فإنها ستؤثر وبشكل مباشر على النمو الاقتصادي وتؤثر سلبا على الاقتصاد ، وقد تصدر  هدف تنويع القاعدة الانتاجية بعد ذلك قوائم جميع الخطط الخمسية المتعاقبة منذ الخطة الخمسية الاولى بما في ذلك الخطة الخمسية الحالية الثامنة والرؤية المستقبلية للاقتصاد العماني  2020.

مما لا شك فيه ان مفهوم تنويع القاعدة الاقتصادية وفق وجهة نظر المخططين كان واضحا وتمثل مقصده في تطوير القطاع الصناعي والأنشطة الإنتاجية الاخرى غير النفطية  بما في ذلك قطاعات التقنية واقتصاد المعرفة والريادة والابتكار ولكنه وفق البيانات المتوفرة من الملاحظ ان الخطط لم تتمكن من تحديد الآليات الكفيلة بربط الأهداف التنموية لاستراتيجيات الرؤية طويلة المدى بالخطط الخمسية ، والخطط بالموازنات السنوية ، واتسمت بضعف وسائل القياس ولم تتمكن من تحديد ما هي القطاعات الرائدة في الاقتصاد  وحجمها ومدى ترابطها بهيكلية الاقتصاد وتحديد الادوار اللازمة لتكامل القطاع الحكومي مع القطاع الخاص ، ولا وضع النمذجة ورسم السياسات  التي تتطلبها تحقيق التنويع مع تحديد عناصره ومؤشراته ومجالاته وآليات تنفيذه والمدى الزمني للتنفيذ.

عند اعداد الخطة الخمسية الاولى التي اعتمدت في نهاية سنة 1975م  كانت نسبة مساهمة ايرادات النفط حوالي 80% من موازنة الدولة وفي الخطة الخمسية الثامنة المعتمدة في سنة 2011م  بقيت نسبة مساهمة ايرادات النفط والغاز كما كانت في الخطة الخمسية الاولى. مما لا شك فيه انه قد تم انجاز الكثير في المجال التنموي خلال الفترة الماضية ابسطها مضاعفة مستوى عمر الفرد  والتحسن الكبير في المستوى المعيشي للمواطنين ، والانجازات العمرانية والطرق التي تعم مدننا، وما نشاهده اليوم من حراك ليس سوى نتيجة للاستثمارات في الموارد البشرية والتراكمات التعليمية والمعرفية على مدى السنوات الماضية .

ولتحقيق الاستدامة في التنمية فإنه يتوجب علينا معرفة اسباب اخفاقنا في التنويع الاقتصادي ، وتحليل الامور وفق النظريات الاقتصادية التي تميز بين زيادة قدرات المجتمع لإنتاج المزيد من الثروة وبين استخراج الموارد الطبيعية واستهلاكها لأن الاقتصاديات المعتمدة على الموارد الطبيعية في غياب القيمة المحلية لا يمكنها تحقيق التنمية ، كما يجب علينا ان نتابع عن كثب التغيرات المتوقعة في السنوات القادمة سواء كانت على مستوى انتاجنا واحتياطاتنا النفطية  او التغيرات الكبيرة المتوقع ان تشهدها الاسواق العالمية على المستوى الاقتصادي والسياسي ومعرفة مدى تأثيرها علينا ، حيث تشير البيانات الى ان إنتاج الولايات المتحدة من البترول في نهاية العام الماضي بلغ  حوالي  7 ملايين برميل في اليوم وهو أعلى إنتاج لها منذ عام 1992. وسيغطي هذا الإنتاج 83 في المائة من احتياجاتها. وتتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن يزيد الإنتاج الأمريكي على الإنتاج السعودي في عام 2020 بسبب التطورات التكنولوجية التي جعلت من الممكن استخراج البترول من الصخور الحاضنة له بتكلفة اقتصادية تراوح بين 44 – 68 دولارا للبرميل الواحد ،  كما توجد مكامن مشابهة لتلك الصخور الحاضنة للزيت في كل من جنوب إفريقيا والصين والأرجنتين ، وفي الوقت الذي  تبذل فيه الحكومة الكندية جهوداً كبيرة  لتطوير التكنولوجيا لتتمكن من استغلال الرمل الزيتي الموجود لديها بكميات كبيرة ، تبذل جهود اخرى لتطوير عملية استخراج الزيت الثقيل من أعماق المياه الإقليمية لكل من البرازيل وفنزويلا، ويشهد العالم  تطور آخر يتمثل في زيادة إنتاج البترول من مصادره التقليدية حيث من المتوقع زيادة الإنتاج العراقي والليبي والنيجيري والإيراني والكويتي ، وقد تساهم كل تلك العوامل دون الاخذ في الاعتبار ما قد يساهم به التطور العلمي في انتاج الطاقة البديلة ، إضافة أكثر من 49 مليون برميل في اليوم في عام 2020  إلى الطاقة الإنتاجية الحالية ،  أو ما يزيد على نصف الإنتاج الحالي .

كما تشير التحليلات الى ان العوامل الجيوسياسية في المنطقة وخصوصاً ما تشهده من حراك سياسي ، و انخفاض إنتاج كل من كندا وبحر الشمال والبرازيل والمشاكل السياسية والأمنية في المنطقة ساهمت في ثبات الأسعار الحالية التي لن تستمر طويلاً ولابد أن تنخفض وسيمثل ذلك تحديا كبيرا لدول المنطقة ولن تتمكن بعضها من سد الفجوة بين الإيرادات والمصروفات ، وفي الوقت ذاته فإن استغناء الولايات المتحدة الامريكية عن نفط المنطقة ومشاكلها الاقتصادية قد  يؤدي الى اعادة تقييم نظرتها للمنطقة ومدى الحاجة الى الاستمرار في اعتبارها شريكة استراتيجية من عدمه وسيؤدي ذلك الى تبعات جديرة بدراسة النتائج التي ستترتب عليها.

اليوم وفي الوقت الذي نجد فيه ان التحول البيولوجي ، والهندسة الوراثية ، وثورة معلومات وسائل الاعلام تمثل أهم عناصر التقدم والمنافسة ، ومن يتمكن منها سيتفوق على باقي الأمم ويتربع على سلم المنافسة . نجد ان دولنا ما زالت تحتل درجات متدنية في قائمة مؤشر التنمية البشرية ،  و ما زالت تعاني من ضعف البنى الاجتماعية والاقتصادية والمعرفية – وافرازاتها  مثل الفقر والبطالة ، وتدني مستوى التعليم ، وما زلنا نبحث عن ماهية نظام ادارة الدولة الذي ينبغي علينا اتباعه و لم نتمكن من ترسيخ الاسس التي تدفع الى الحكم الرشيد لبناء نظام اقتصادي يمكن المجتمع من إطلاق مبادراته  الفردية بإبداع وتنافسية  ، ونلاحظ عدم تمكنا من تحسين مستوياتنا في مؤشرات التنمية الدولية وتراجعنا في مؤشرات أخرى ليس بسبب تدهور مستويات ادائنا ولكن بسبب جمودنا وتحسن مستوى الآخرين ، وفي الوقت ذاته يتم تصنيفنا وبكل آسف حسب التقرير الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية مؤخرا عن ترتيب الدول التي تفشل حكوماتها في محاربة الفساد بصفقات التسلح والدفاع ضمن الدول المصنفة في درجة “الفساد الدفاعي السادسة ” حيث رتب التقرير درجة الفساد في هذا المجال إلى سبعة درجات تتدرج من خطر منخفض للغاية “الفساد الدفاعي الأولى  الى أعلى درجات الخطر والذي سمي الخطر الشديد “الفساد الدفاعي السابعة”. وجاءت السلطنة في مستوى “خطر مرتفع للغاية ” بجانب شقيقاتها من دول المنطقة البحرين والعراق والمغرب وتونس وقطر و السعودية.

الحضور الكرام

لقد تطورت النظريات الاقتصادية منذ بدايات الثورة الصناعية في اوروبا في منتصف القرن الثامن عشر عندما اصدر ادم سميث كتابه ثروة الامم  الذي يرى فيه ان الحياة قائمة على مصالح ذاتية وان هنالك يدا خفية تقود الأسواق إلى التوازن بين العرض والطلب ، مرسياً بذلك قواعد نظريّته الكلاسيكيّة ومدافعاً بكل قوّة عن الحرية المطلقة للأسواق ومعارضاً أي شكل من أشكال التدخل الحكومي ، بإعتبار أنّ منفعة الأمّة هي حاصل مجموع المنافع الفرديّة الحرة والمتحررة من القيود ، لقد نجم عن النظرية الكلاسيكية سيطرة أصحاب رؤوس الأموال لعنصر العمل وتعظيم الأرباح واستغلال العمال ، ومع القرن التاسع عشر ظهرت مدرسة جديدة انحازت الى عنصر العمل على حساب رأس المال تمثلت بكتابات كارل ماركس ” لـ منفيستو الحزب الشيوعي ، ثم كتابة “رأس المال” الذي نشر بعد وفاته في نهاية  القرن التاسع عشر، حيث آمنت مدرسته بالتخطيط المركزي التفصيلي وتوقعت سقوط الرأسمالية وانتكست بالفعل في سنة 1929 بعد الكساد العظيم الذي شهدته اوروبا لتظهر بعدها المدرسة الكينزية التي سعت الى تطوير النظام الرأسمالي وأكدت على أهمية الحرية في النشاط الاقتصادي مع ضرورة تدخل الدولة من خلال السياسات المالية المتمثلة في الانفاق والضرائب أثناء الأزمات، وتقليص دورها اثناء فترات الانتعاش ولقد لعبت السياسات الكينزية دورا كبيرا في التقليل من الاضرار الناجمة عن الازمة المالية العالمية في سنة 2008.

ومنذ ما يقارب القرن من الزمان صدر كتاب “التحول العظيم” للمفكر الأمريكي “كارل بولاني” وبعد ذلك بعقود توصل “بول باران” في كتابه “الاقتصاد السياسي للنمو”  إلى أن التحول الاقتصادي للمجتمع ما هو إلا وجه واحد من أوجه عديدة للتطور الاجتماعي والسياسي ،  وبعد سنوات من التجارب الفاشلة والناجحة تأثر البنك الدولي والعديد من المؤسسات الاممية الاخرى بأفكار الاقتصادي الأمريكي البروفيسور “دوجلاس نورث” الذي حاز على جائزة نوبل من خلال كتابه ” المؤسسات ، التغيير المؤسسي والأداء الاقتصادي ” وتوصلت الى نتيجة أن نجاح خطط التنمية والنمو الاقتصادي أمر مرهون بالإصلاحات السياسية والاجتماعية والإدارية ، وهو ما يطلق عليه اليوم مصطلح “الحكم الراشد” او “الحوكمة” .

وتؤكد الادبيات الاقتصادية الجديدة على حتمية نجاح  الانظمة التي تتمكن من توفير بيئة من الحريات الاساسية السياسية والفكرية والاقتصادية والتي يتسم عملها باللامركزية ومساهمة مجتمعها على مستوى المناطق ومؤسسات المجتمع المدني ، و ترى ان الحكم الراشد هو الضامن لتحويل النمو الاقتصادي الى تنمية انسانية مستدامة  ، وان النجاح والفشل يمكن قياسه بالأهداف المحققة ومن خلال معرفة مستوى النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي ، و نسبة مساهمة القطاع الخاص من ذلك النمو ، وعدد فرص العمل الحقيقية التي يتم توفيرها للمواطنين ، وإسهامات صادرات القطاع الخاص السلعية والخدمية في الفائض من ميزان المدفوعات ، و نسبة الانخفاض في  إيرادات النفط في تمويل المالية العامة.

ان القضاء على الفقر وتغيير أنماط الاستهلاك والإنتاج غير المستدامة وتشجيع أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة وحماية قاعدة الموارد الطبيعية اللازمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وإدارتها هي منتهى الغايات المنشودة من التنمية المستدامة والشروط الأساسية لتحقيقها و لا يمكن التحدث عن تنمية دون تحديد  كيف سيتم التعامل مع مشكلة الفقر والبطالة وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية ، فالإنصاف والمشاركة من العوامل الرئيسية للتنمية المستدامة وتحقيق النمو الاقتصادي يتطلب الاستقرار السياسي الذي لا يمكن تحقيقه في مجتمع يفتقد العدالة والإنصاف ويحتوي على تباينات كبيرة بين طبقاته ، كما انه لا يمكن توسعة قاعدة الانتاج و زيادة الطلب الكلي في اقتصاد تمتلك غالبية الأسر فيه قوة شرائية ضعيفة لذلك يجب وضع اهداف واضحة لتحسين دخول الناس من اجل تحقيق النمو والاستقرار ، وان يتم قياسه باستمرار بأدوات إحصائية ، كما ان المشاركة يجب ان تكون ملازمة للإنصاف لأن الهدف ليس اعادة توزيع الثروة من  مجموعة إلى أخرى دون زيادة الإنتاج ، بل في زيادة الثروة الوطنية عن طريق التمكين من المشاركة في النمو والحصول على حصة منصفة من الثروة الوطنية.  

ان مسؤولية التنمية اكبر بكبير من ان يتحمل مسؤولياتها طرف واحد وتتطلب فصل التداخل والازدواج في الاختصاصات وفهم العلاقة بين الدولة والحكومة فالحكومة ليست الدولة والدولة ليست الحكومة ، والحكومة بجميع وحداتها ليست سوى مكونا واحدا من مكونات الدولة كما هو الوضع  مع المكونات الاخرى من قبيل الجهاز التشريعي والقضائي والقطاع الخاص والأكاديمي والإعلامي والمدني ، و كل قطاع  مسؤول عن تنفيذ واجباته وفق السياسات العامة للدولة و يتحمل مسؤولية نجاحاته وإخفاقاته.

دوليا مع اقتراب موعد انتهاء العمل بالأهداف الإنمائية الألفية ، بدأت الأمم المتحدة في وضع أهداف جديدة للأعوام التالية لعام 2015 ، ومحليا وإقليميا تغيرت الاوضاع تغيرا جذريا عما كانت عليه عند اعداد الرؤية المستقبلية عمان 2020 ، وإذا اردنا أن نجنب أنفسنا المزيد من المشاكل فإنه يتوجب علينا تكريم الرؤية المستقبلية عمان 2020 وإحالتها الى التقاعد المبكر لأنه لن يكون بوسعها اصلاح هيكلة الاقتصاد العماني ولا الصمود أمام التحديات القادمة وتوفير حوالي 470 الف فرصة عمل لـلمواطنين الباحثين عن عمل وللذين سيدخلون سوق العمل لأول مرة خلال الفترة الممتدة من الان الى سنة 2020 م ، وحتى لا نتخلف عن الركب يجب علينا البدء فورا في رسم اجندة جديدة للتنمية تحدد المسارات التي  يتوجب علينا ان نسلكها بدءا من الخطة الخمسية القادمة ، يكون محورها الاساسي “عمان التي نريد” نقييم من خلالها ممارساتنا ونحدد خياراتنا المستقبلية ، ونكتشف أين تكمن قدراتنا التنافسية ونعيد النظر في كيفية ادارة اقتصادنا الوطني ونصحح من بعض المفاهيم والممارسات الاساسية السائدة حاليا من قبيل  : –

اولا – هدف التنويع الاقتصادي

هنالك من يرى وجود استحالة عملية و نظرية في تنويع اقتصاديات دول الخليج بغرض تقليل اعتمادها على قطاع النفط والغاز كقطاع انتاجي مهيمن وذلك لأسباب اقتصادية تتعلق بطبيعة هياكلها الاقتصادية التي تتميز بكفاءة انتاجية مرتفعة للغاية . وتستند وجهة النظر هذه على أساس أن دول الخليج لا تعاني من مشكلة اقتصادية بالمعنى المفهوم للكلمة فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي طويل المدى ، و انما تواجه مشكلة تنموية حسب التعريف العريض للتنمية تتمثل أهم جوانبها في ادارة عملية التوزيع العادل للثروة البترولية و توزيع الدخل المتولد عنها ، وإذا قبلنا بصحة هذه النظرية فإنه قد آن الأوان لمواجهة الحقيقة وإعادة صياغة أهدافنا التنموية وإجراء تعديلات جوهرية للإطار العام لخططنا الخمسية  للتأسيس لمرحلة ما بعد النفط؟

ثانيها :- اللغة العربية

في الاقتصاد لا ينظر الى اللغة على انها موروث ثقافي او حضاري يجب المحافظة عليه فاللغة تقوم بدورين اساسيين في الاقتصاد فهي تعتبر أداة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وهي كذلك صناعة وسلعة يمكن في حالة استغلالها الاستغلال الصحيح ان تساهم في عملية التنمية ، ويمكن اعتبار اللغة العربية  احدى اهم مصادر التنويع الاقتصادي التي نمتلكها ويمكن ان تكون من القطاعات الرائدة في السلطنة التي توفر الكثير من فرص العمل في حالة وجود مبادرات لدعم صناعات اللغة واعتماد التشريعات المنظمة لذلك ، وانه من المؤسف ان نجد انه لا توجد لدينا استراتيجية ولا سياسات لاستغلال اللغة العربية ، علما أن الصناعات الابداعية والثقافية (وقاعدتها اللغة الوطنية ) مكنت تنويع اقتصاد الكثير من الدول وزيادة نسبة صادراتها وتوفير ملايين فرص العمل ، ولقد زادت نسبة مساهمة الصناعات الثقافية في الناتج الإجمالي المحلي في هولندا والسويد وبريطانيا وبولندا وفنلندا والدنمارك ولاتفيا ولتوانيا على نسبة مساهمتها في قطاعات صناعية هامة مثل الصناعات الغذائية ، وقطاع البناء ، وقطاع الحواسيب وملحقاتها.

ثالثها :- سياسات التوطين

من المؤسف اننا في وفي جميع دول المجلس نستخدم سياسات من قبيل التعمين والسعودة والتكويت والبحرنة والتقطير والامرتة وكأننا أقلية في بلداننا او هنود حمر ونطلب الحصول على الحصص التي يتم التكرم بها علينا من سوق العمل ، اصلاح سوق العمل يجب ان يبدأ من إيجاد البيئة الكفيلة بتوفير فرص العمل للمواطنين وإلغاء تلك المصطلحات وان يكون الاصل في العمل للمواطنين مع امكانية السماح بحصة للعمالة الوافدة لا تتعدى النسبة المحددة لهم وليس لنا في كل قطاع.

رابعها : التخصص

في جميع القطاعات الاقتصادية الناجحة نجد ان من يتولى مسؤولية تلك القطاعات كفاءات متخصصة في مجال عملها فإذا اردنا ان نشرع استعنا بالقانونيين وإذا  اردنا اجراء عمليات قلب استعنا بالأطباء وإذا اردنا انشاء جسور استعنا بالمهندسين وهكذا ، ولكن عند التخطيط الاقتصادي لا نجد اقتصاديين في المجلس الاعلى للتخطيط وعلينا ان نقيس نتيجة قراراتهم  بما سينجم عن قيام غير الاطباء بإقرار مدى الحاجة لإجراء العمليات ، ولهذا السبب تطرقت في كلمتي لتطور النظريات الاقتصادية لتأكيد ان الاقتصاد علم مستقل بذاته ويجب ان تنبثق قراراته من متخصصين في علم الاقتصاد.

ختاما لا يسعنا إلا أن نرحب وأن نشكر ضيوفنا الكرام الذين تكبدوا مشقة السفر لمشاركتنا في مؤتمرنا هذا كما نشكر شركاءنا في هذا المؤتمر الجمعية الاقتصادية الخليجية وإخواننا رؤساء وأعضاء جمعية التجاريين والاقتصاديين الإماراتية وجمعية الاقتصاديين البحرينية وجمعية الاقتصاد السعودية والجمعية الاقتصادية الكويتية المشاركين معنا في هذا المؤتمر.

والشكر للأخوة و الاخوات الذين سيقدمون أوراق عمل هامة مرتبطة بمحاور المؤتمر وهم:-

د. على عبدالقادر علي : مدير الأبحاث بالمركز العربيّ للأبحاث ودراسة السّياسات – قطر

د. رولا مجدلاني التي تمثل  معالي د ريما خلف وكيلة  الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، الإسكوا.

د. حسين الطلافحة : المعهد العربي للتخطيط – الكويت

د. انطوان منصور : مستشار اقتصادي لدى منظمات دولية (UNDP – ILO – EC- ESWA)

د. محمد مراياتي : كبير مستشارين العلم والتكنولوجيا – الامم المتحدة- GTZ

د.  عبدالله الصادق: رئيس وحدة دراسات المال والأعمال بعمادة البحث العلمي – جامعة البحرين

د.  كارل اوبست: محرر نظام الامم المتحدة للحسابات القومية البيئية والاقتصادية  – استراليا

د.  موسى شتيوي : مدير عام مركز الدراسات الاستراتيجية – الجامعة الاردنية

د. وليد الدغيلي:رئيس قسم الطاقة في ادارة التنمية المستدامة والإنتاجية (الاسكوا)

د.  حاتم بن بخيت الشنفري: نائب رئيس الجمعية الاقتصادية العمانية

دمريم بنت بلعرب النبهاني :خبيرة في اليونسكو والالسكو والاسسكو

د. مهدي جعفر :نائب رئيس جمعية البيئة العمانية

د. عبدالله البادي : كلية الهندسة – جامعة السلطان قابوس

والشكر كذلك للجهات الراعية للمؤتمر والراعيين الإعلاميين وإخواننا الإعلاميين.

ولا يسعني إلا أن أذكر بأن الجمعية الاقتصادية العمانية لا يعمل بها أي موظف ولا تدفع أي أجور أو رواتب وجميع مهامها يقوم بها مجلس الإدارة والأعضاء الذين يقدمون خدماتهم على أساس تطوعي ولا يحقق لهم أي مردود مادي، ويسعون لممارسة نشاطهم بمهنية ومنهجية علمية وفي إطار أهداف الجمعية كشركاء فاعلين في التنمية الشاملة للبلاد ، وعليه اتقدم بجزيل الشكر والتقدير لزملائي من الجمعية الاقتصادية العمانية والمتطوعين على ما بذلوه من جهود لإنجاح أعمال هذا المؤتمر.

والشكر كذلك لجميع المشاركين في مؤتمرنا هذا.

ضيوفنا الكرام ، سعداء بتواجدكم بيننا في عمان الخير والمحبة والسلام ونتطلع إلى الاستفادة من تجاربكم ورؤاكم حول تحديات التخطيط للتنمية ونأمل في أن يساهم هذا المؤتمر في طرح أفكار لتحديد جذور المشاكل والنظر في البدائل التي تتطلب تحقيق نمو اقتصادي مستدام ونتمنى أن تتكلل مساعينا بالتوفيق والنجاح.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

Shopping Cart
Scroll to Top