خـطـة التنمية الخـمسية العـــاشرة والموازنة العامة (ديسمبر 2020)

بيان المكرم الشيخ محمد بن عبدالله الحارثي

رئيس اللجنة الاقتصادية الموسعة – مجلس الدولة

خـطـة التنمية الخـمسية العـــاشرة (2021-2025) وبرنامجها التنفيذي ومشروع الموازنة العامة للدولة عن السنة المالية 2021م

معالي الشيخ رئيس المجلس،

المكرمون والمكرمات أعضاء المجلس

سعادة الأمين العام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تأتي خطة التنمية الخمسية العاشرة (2021-2025م) ومشروع  الموازنة العامة للسنة المالية 2021م متزامنَيْن مع مرحلة مهمة للمسار التنموي في السلطنة؛ وانطلاقا للمرحلة الأولى للرؤية المستقبلية عُمان 2040، وفي ظل أزمة مزدوجة غير مسبوقة متمثلة في تراجع أسعار النفط واستمرار جائحة كوفيد 19، وتداعيات ذلك على تراجع النشاط الاقتصادي، وتأثيراته المباشرة على تقديرات المالية العامة، وتوقعات النمو الاقتصادي، ومستويات التشغيل المطلوبة، إضافة للتأثيرات الاجتماعية الواسعة على فئات المجتمع.

إن التحديات التي تواجه خطة التنمية الخمسية العاشرة تتطلب أداء وجهودا استثنائية لمواجهتها للحد من آثارها على الاقتصاد الوطني وعلى المواطن العماني؛ وفي هذا الإطار ناقشت اللجنة خطة التنمية الخمسية العاشرة 2021-2025مقرونة مع مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2021م وبرنامج التوازن المالي 2021-2024م ، وباعتبارها عناصر متكاملة ذات تأثيرات متبادلة .

لقد استندت اللجنة في مناقشاتها للخطة إلى الأسس الواردة في المادة 99 من اللائحة الداخلية للمجلس بينما استندت في مناقشاتها للموازنة العامة للدولة إلى أحكام المادة 105 من اللائحة ، وفي ضوء ذلك توصلت إلى عدد من المرئيات التي من شأنها الإسهام مع جهود الحكومة في مواجهة التحديات المختلفة لخطة التنمية الخمسية العاشرة ومشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2021م.

الإخوة والأخوات المكرمين ،،،

تستهدف خطة التنمية الخمسية العاشرة تحقيق خمسة أهداف متمثلة في تعزيز التنمية البشرية والحفاظ على رأس المال البشري، و تحفيز النشاط الاقتصادي بالشراكة مع القطاع الخاص ودعم دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، و توسيع قاعدة التنويع الاقتصادي وتطوير آليات وبرامج الهياكل الإنتاجية، و تطوير بيئة الاقتصاد الكلي وتحقيق الاستدامة المالية، والهدف الخامس هو تحقيق تنمية متوازنة للمحافظات.

وقد قدمت مذكرة خطة التنمية الخمسية العاشرة من خلال فصولها الخمسة، تشخيصا جيدا للتحديات والمتطلبات المستقبلية التنموية للسلطنة، ووضعت الخطة لنفسها إطارا عاما، مع أخذها في الاعتبار تحليل الوضع الراهن وانعكاساته على التوجهات المستقبلية، والتي على أساسها تم تحديد الأهداف والبرامج الاستراتيجية للخطة. وفي هذا الإطار نؤكد أهمية منهج التقييم الذي اتخذته الخطة، وبما يوضح التحديات والإشكاليات التي يتعين تجاوزها.

وقد خلصت اللجنة الاقتصادية الموسعة إلى أن مذكرة خطة التنمية الخمسية العاشرة تحتاج إلى مراجعة بعض الجوانب المنهجية والفنية وفيما يتعلق بالبرامج المقترحة، وفي هذا الإطار قدمت اللجنة العديد من التوصيات، بما يمكن أن يساعد وزارة الاقتصاد على مراجعة الخطة بالشكل المطلوب.

الإخوة والأخوات المكرمين

إن برنامج ” التوازن المالي” باعتباره خطة متوسطة المدى (2021-2024) يمثل المسار الذي ارتكز عليه مشروع الموازنة العامة للسنة المالية 2021م بهدف إعطاء الموازنة بعدا استراتيجيا ومرونة أكبر في التكيف مع التغيرات في جانبي الإيرادات والنفقات، وبالرغم من أهمية البرنامج والمحاور التي قام عليها، إلا أنه من المهم التأكيد على ضرورة رسم سياسات البرنامج وفق قراءة دقيقة لتأثيراتها الاقتصادية الكلية:

أولا، على مستويات النمو، والتشغيل؛

وثانيا: على أوضاع المالية العامة.

ويجب ألا تتم التضحية بالنمو على حساب محاولة تحقيق توازن مالي سريع، وينبغي عدم التسرع في الإعلان المبكر عن خطوات تقشفية تؤدي إلى التأثير على قرارات الاستثمار الحالية والمتوقعة.

وفي هذا السياق، تؤكد اللجنة الاقتصادية الموسعة أن التحدي الرئيس الذي يواجه الموازنة العامة للدولة وبالتالي خطة التنمية الخمسية العاشرة هو تحدي الاستدامة المالية، والذي يمكن أن يتحقق في حال وجود عجز بالموازنة العامة، بشرط عدم تغيير نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، وهذا ما يتطلب أن يكون محور اهتمام مشروع الموازنة العامة، وهذا يعني أن الأولوية هي المحافظة على حصة الدين العام إلى الناتج المحلي وليس خفض عجز الموازنة والذي يعني الضغط على الاقتصاد لمزيد من الانكماش وصعوبة تنفيذ الخطة لبرامجها، وتتطلب المحافظة على هذه النسبة توسعة الاقتصاد من خلال برامج الخطة لزيادة الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعني توجيه عجز الموازنة الناتج عن زيادة الإنفاق الإنمائي لحفز الاقتصاد المعتمد بشكل أساسي على هذا الإنفاق لتحقيق النمو الاقتصادي المطلوب.

ما يجدر الإشارة له أن اللجنة الاقتصادية خلال السنوات السابقة قدمت من خلال دراساتها وتقاريرها حول مشروعات الموازنات العامة العديد من التوصيات، وقد نبهت مبكرا للعديد من المخاطر والتحديات التي يواجهها الاقتصاد العماني والتي تجلت معالمها مع الأزمة الحالية وأدت إلى تنامي حجم الدين العام بصورة كبيرة وارتفاع عجز الموازنة، وتراجعا بشكل مستمر في التصنيف الائتماني إلى أربعة مستويات لتندرج تحت “غير مجدية للاستثمار”، والبحث عن حلول وإجراءات ذات تبعات قاسية على الأداء الاقتصادي كان بالإمكان تجنبها فيما لو تم البدء بالمعالجات التي تم اقتراحها منذ فترة طويلة، وفي هذا الإطار قدمت اللجنة الاقتصادية في الدورة الماضية مقترحا متكاملا لإصدار قانوني الدين العام والتخطيط التنموي والعديد من التوصيات في إطار حوكمة منظومة الأداء الاقتصادي وبما يضمن سلامة واستقرار الوضع الاقتصادي والمالي للسلطنة، ونأمل سرعة استجابة الحكومة في تطبيق تلك التوصيات وإصدار تلك القوانين تجنبا لدخول الاقتصاد إلى مراحل أكثر تعقيدا، والإسراع في معالجة التحديات التي تواجه المالية العامة في نواحي الاستدامة، والملاءة المالية، والسياسات المناسبة التي ينبغي اتخاذها لضمان استقرار الوضع المالي والحد من تراجع الأداء الاقتصادي.

الإخوة والأخوات المكرمين

تؤكد اللجنة الاقتصادية الموسعة الأهمية القصوى للأهداف النبيلة لرؤية عمان ٢٠4٠ وخطة التنمية الخمسية العاشرة (2021- 2025) وبرنامج التوازن المالي (2021- 2024)، واتفاقها مع تلك الأهداف جملة وتفصيلا، وأن ملاحظاتها تنحصر فيما ورد في الوثائق المعروضة على مجلس عمان الخاصة بآليات وطرق التنفيذ، وتقييم مدى إمكانية السياسات والبرامج المقترحة في تحقيق الأهداف المرسومة لها، وبالتالي التباين يكمن في طرق ووسائل تحقيق تلك الأهداف وليس في الأهداف ذاتها.

وفي هذا الإطار تؤكد اللجنة الاقتصادية الموسعة  أهمية وضع السياسات الكفيلة لتوسعة القاعدة الإنتاجية، وتفعيل المبادرات والأنشطة التي من شأنها زيادة الاعتماد على القطاعات غير النفطية، والموارد غير المستغلة بالشكل الكامل والصحيح، والاستفادة من المزايا النسبية الحقيقية العمانية وتوسعة مواعين الإيرادات وإتاحة الفرصة لمزيد من الاستثمارات والاستفادة من القدرات والبنية الأساسية عالية التكلفة التي يوفرها الاقتصاد العماني.

وفي الوقت ذاته تثمن اللجنة الجهد الكبير الذي بذل من وزارة المالية ووزارة الاقتصاد لإنجاز مشروع الموازنة العامة والخطة الخمسية العاشرة وبرنامجها التنفيذي (2021- 2025) خلال فترة زمنية ضيقة، في ظل متغيرات هيكل الجهاز الإداري للدولة والتي قضت بإنشاء وزارة الاقتصاد وتحديد اختصاصاتها، وتزامن ذلك مع ضرورة إعداد الخطة والإعلان عنها في وقتها.

كما تشيد اللجنة بتقرير مجلس الشورى حول الخطة الخمسية العاشرة ومشروع الموازنة العامة للسنة المالية 2021م، وتتفق مع جل ما أبداه من رؤى وملاحظات، حيث تضمن عددا من المرئيات المشتركة، وأبدت اللجنة مرئياتها في تمهيد التقريرين.

ختاما يسرني أن أتقدم بجزيل الشكر والتقدير لكل من أسهم في إعداد هذه المرئيات، وأخص بالشكر المكرمين / المكرمات أعضاء اللجنة الاقتصادية الموسعة، والفريق المساعد، كما أشكر مقدما أعضاء المجلس المكرمين، لتقديمهم أية مقترحات أو ملاحظات موضوعية من شأنها أن تسهم في تجويد هذه الدراسة. أما الملاحظات اللغوية والمطبعية فيرجى تزويدنا بها كتابيا حتى تؤخذ في الاعتبار عند صياغة النسخة النهائية، مع جزيل الشكر والتقدير.

والله ولي التوفيق

Shopping Cart
Scroll to Top