بيان المكرم الشيخ محمد بن عبدالله الحارثي
رئيس اللجنة الاقتصادية الموسعة – مجلس الدولة
“تعـزيز الأطـر التشريعية والتنظيمية لأنشـطة التمـويل العقاري والتأجير التمويلي والتمويل الاستهلاكي”
معالي الشيخ رئيس المجلس،
المكرمون والمكرمات أعضاء المجلس،
سعادة الأمين العام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
كما هو معلوم فإن التنمية الاقتصادية تعتمد بشكل كبير على توفر التمويل المتاح لتنفيذ المشروعات الاستثمارية والإنمائية، وأن قطاع التمويل الكفء هو الذي يقوم بتعبئة وتوسيع نطاق أدوات الادخار المتوفرة (توجيه الموارد الفائضة)، وخفض تكلفة التمويل، وتطوير إدارة المخاطر، وتيسير تدفق السلع والخدمات، ودعم قدرة الاقتصاد الوطني على التصدي للأزمات المالية الخارجية غير المتوقعة والمحافظة على استقرار الاقتصاد الكلي.
ويرتبط ذلك بوجود إطار وهياكل سياسات متماسكة ولوائح فعالة، وبيئات تنظيمية وإشرافيه سليمة تعمل بصورة مستمرة على تطوير قطاع التمويل، والوعي بإمكانيات المؤسسات المالية غير المصرفية في تعزيز مقدرات وتنافسية القطاع المالي، وما تقدمه للأفراد والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خدمات وأدوات مالية، وبالتالي تحسين فرص توفير التمويل، وزيادة فرص التوظيف التي تدعم النمو الاقتصادي وتزيد من الاستقرار الاجتماعي.
مازالت شركات التمويل في سلطنة عمان صغيرة الحجم والقدرات؛ تعاني من غياب البيئة التنافسية وابتكار الخدمات المالية المتطوّرة والجديدة، متواكبة مع نمو الطلب في حجم الأسواق والأعمال، مع تواجد محدود على الخارطة الإقليمية والعالمية؛ وصعوبة تكوين كيانات محلية كبيرة قادرة على المنافسة في السوق العالمي، والاستفادة من الفرص المتاحة في المنطقة.
على مستوى النطاق مازالت أنشطة التمويل الاستثماري محدودة التغطية، حيث تعمل المؤسسات المالية في نطاق محدود للغاية وتغطي قطاعات وفئات محددة. مع ضعف ضمانات حقوق الأطراف، والحماية من الممارسات الضارة، والقضاء على أساليب التلاعب. والنظر في تلبية احتياجات المستفيد بما يتوافق مع الأسس الفنية وأفضل الممارسات الدولية في هذا المجال بما يلبي احتياجات السوق.
الأخوة والأخوات المكرمين ،،،
تغطي هذه الدراسة التمـويل العقاري والتأجير التمويلي والتمويل الاستهلاكي
أولا:- التمـويل العقاري : يعتبر التمويل العقاري من أبرز الخدمات المالية المقدمة للأفراد ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي المرتفع لكون قطاع التشييد والبناء يعتبر من القطاعات المهمة كما أنه يساهم بشكل رئيسي في الناتج المحلي، إضافة إلى أن تسهيل النفاذ للتمويل العقاري يسهم في تعزيز الاستقرار الاجتماعي للمواطنين.
لا توجد تغطية رسمية لمجال التمويل العقاري من قبل أي مؤسسة في الوقت الراهن، بخلاف التفويض المحدد المعطى لوزارة الإسكان والتخطيط العمراني، والتي تم تكليفها للاحتفاظ بسجلات الملكية العقارية وكافة المعاملات العقارية، بالإضافة إلى ترخيص أنشطة أربع جهات في السوق والإشراف عليها، وهذه الجهات هي وكلاء العقارات / السماسرة والمطورين العقاريين، وشركات إدارة العقارات وشركات صيانة العقارات.
ثانيا: التأجير التمويلي : و هذا النوع من التمويل يوفر مزايا عديدة تتمثل في إمكانية الحصول على منفعة استخدام الأصل بدون الحاجة إلى امتلاكه أو دفع مبالغ كبيرة والحصول على أحدث التقنيات ذات الأثمان العالية دون الحاجة إلى شراء هذه التقنيات. مما يحسن من مستويات الإنتاجية، وسهولة إحلال الأصول القديمة، والتخفيف من الأعباء على المركز المالي وعلى الموارد المالية للشركات، كما يوفر ميزة تحسين ميزان المدفوعات في حالة استئجار أصول رأسمالية من خارج البلاد.
يعد قطاع التأجير التمويلي في سلطنة عمان قطاعًا صغيرا جدا، يبلغ عدد شركات التمويل والتأجير التمويلي المرخصة من قبل البنك المركزي العماني (5) شركات. التمويل المقدم من هذه الشركات يستوعب العملاء ذوي التصنيف الائتماني المنخفض والذين يجدون صعوبة في الحصول على تمويل من المصارف. ونظرا، لأنه لا يُسمح لشركات التمويل والتأجير التمويلي بتقديم ودائع تحت الطلب (حسابات التوفير والحسابات الجارية) وقبول الودائع من الأفراد، فإن دورها محدود في زيادة معدلات الادخار.
تعتمد شركات التمويل والتأجير التمويلي بشكل أساسي في تمويل أنشطتها على رأس المال والأرباح المحتجزة والاقتراض من المصارف وقبول ودائع المؤسسات وإصدار السندات، ونظرا لصعوبة الحصول على تمويل متوسط أو طويل الأجل من قبل المصارف خلال الفترة الأخيرة بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض فإن ذلك يمثل أحد أكبر التحديات التي تواجهها هذه الشركات.
ثالثا وأخيراً : والتمويل الاستهلاكي: و يقصد به تقديم القروض للمستهلكين، بغرض إنفاقها على شراء سلع استهلاكية وقد تكون معمرة، ويتم التمويل الاستهلاكي في سلطنة عمان عن طريق عدة قنوات أهمها قطاع المصارف وشركات التمويل وهنالك تمويل غير رسمي وسط المواطنين كالجمعيات الأهلية الإقراضية والجمعيات العائلية.
تعتبر القروض الشخصية النشاط الرئيس للقطاع المصرفي في سلطنة عمان، وفقا لتقرير البنك المركزي العماني تستحوذ القطاعات المهمة على أقل حصص: التصدير 0.2%، التعدين 5.5%، الصناعة 7.9%، الإنشاءات 8.7%، قطاع الخدمات 8.5%. بينما تستأثر القروض الشخصية والإسكان بالحصة الأكبر نحو 38.2% من إجمالي الائتمان الممنوح.
النمو الاقتصادي الذي حققته سلطنة عمان المبني على الاستهلاك بحاجة إلى أن يتغير إلى نمو مبني على الاستثمار والإنتاج والتصنيع والتصدير وهذا يتطلب تحولا نوعيا في آليات التعامل مع تقديم الائتمان إلى القطاعات الإنتاجية بدل الاستهلاكية وتغييرا في أنماط وأساليب عمل القائمين على البنوك التجارية وتغيير السياسات في اتجاه الاستحقاقات الجديدة. فالنتائج المختلفة تحتاج إلى ممارسات مختلفة والعمل بثقافة الممول للإنتاج وفق دراسات جدوى وليس المقرض للاستهلاك وفق ضمان الراتب.
الأخوة والأخوات المكرمين ،،
لقد بينت نتائج الدراسة أن قطاع التمويل العقاري والتأجير التمويلي والتمويل الاستهلاكي في سلطنة عمان ما زال محدودا في قدرته على توجيه الموارد الفائضة، وخفض تكلفة التمويل، وتطوير إدارة المخاطر، ودعم قدرة الاقتصاد الوطني على التصدي للأزمات المالية الخارجية غير المتوقعة والمحافظة على استقرار الاقتصاد الكلي.
اتسم القطاع بمحدودية التنافسية ولم تحدث به تغيرات هيكلية أو وظيفية كبيرة منذ فترة طويلة، والتي تتطلب تطويرا مستمرا بما يضمن تحقيق مرونة كافية لتنمية هذا القطاع، وبشكل عام فإن غياب وجود قوانين مختصة يعني وجود نظام غير مقنن وقابل للانحراف عن مساره، فالتمويل العقاري والتأجير التمويلي والتمويل الاستهلاكي بدون تشريع خاص به يتقدم خطوة ويتعثر خطوات ويسير أطرافه بارتباك ودون يقين لعدم وضوح الرؤية والطريق لهذا الأنشطة، حيث لا ضمانات كافية لحفظ حقوق كل الأطراف و الاحتكام للقوانين العامة وغير المختصة والتي وان سعت إلى تحقيق العدالة فأنها قد لا تنصف أطراف النزاع لعدم اختصاصها.
ختاما يسرني أن أتقدم بجزيل الشكر والتقدير للجنة الفرعية التي أعدت هذه الدراسة، والفريق الفني المساعد، واخص بالشكر أعضاء اللجنة الاقتصادية، كما أشكر مقدما أعضاء المجلس المكرمين، بتقديمهم المقترحات وأية ملاحظات فنية يمكن أن تسهم في إثراء الدراسة.
والله ولي التوفيق

