بيان المكرم الشيخ محمد بن عبدالله الحارثي
رئيس اللجنة الاقتصادية- مجلس الدولة
تحديات القطاع الخاص وسياسات العمل
أثناء دراسة مشروع الخطة الخمسية التاسعة (2016م-2020م) تم التأكيد بأن النمو الاقتصادي في جميع الاقتصاديات يعتمد على ثلاثة عناصر رئيسية هي سوق المال وسوق العمل والتقدم التكنولوجي ، و عند اعداد مرئيات المجلس حول مشروع الخطة ، وتقييم كل من البنك الدولي والمجلس الأعلى للتخطيط للأداء الكلي لخطة التنمية الخمسية الثامنة (2011م – 2015م) والرؤية المستقبلية (عمان2020)، تم التوصل الى أن تحقيق الاهداف الطموحة للخطة يتطلب أن يسبقها دراسة تحديات القطاع الخاص وسياسات العمل لإزالة تلك المعوقات والمساهمة في التمكين من تنفيذها.
لقد قامت اللجنة الاقتصادية بدراسة الموضوع وتوصلت الى أن تحقيق نسب النمو المستهدفة في الخطة يتطلب ان يسبقه تدارس مؤشرات التنويع الاقتصادي استنادا الى أسس علمية لتحديد الانشطة الواعدة في الاقتصاد العماني التي يتوجب التركيز عليها والتي يمكن من خلالها تحقيق الاهداف المشتركة للحكومة والقطاع الخاص. وتحديد ما هي اهم المعوقات الحكومية التي يتوجب ازالتها بهدف تمكين القطاع الخاص من القيام بدوره والتي تتمثل في الآتي :-
- سياسات واجراءات سوق العمل.
- تحسين جودة الأداء الحكومي وتعزيز التنافسية
- تحسين البيئة القانونية الجاذبة للاستثمار .
- مؤشرات التنويع، والأنشطة الواعدة في الاقتصاد العماني (مرفق رقم 1)
بسبب الاستمرار في انخفاض اسعار النفط زاد حجم الاعتماد على القطاع الخاص حيث بلغت الحصة المستهدفة استثمارها من القطاع الخاص حوالي (52%) من البرنامج الاستثماري لخطة التنمية الخمسية التاسعة (2016م – 2020م) و ما يعادل (80%) من جملة استثمارات القطاعات الخمسة التي اعتبرت واعدة..
لقد توصلت اللجنة الى ان معالجة تلك التحديات يتطلب حزمة متكاملة من السياسات التوافقية التي تجمع بين (1) تحقيق أهداف الحكومة المتمثلة في تحقيق النمو وايجاد فرص العمل و(2) طبيعة الاستثمارات التي سيقبل القطاع الخاص على تنفيذها وبحيث تتوفر فيها عناصر الجدوى الاقتصادية.
لقد تدارس المرفق الاول مؤشرات التنويع، و الآليات العلمية لتحديد الأنشطة الواعدة في الاقتصاد العماني التي يمكن ان تكون مجدية وبإمكان القطاع الخاص الاستثمار فيها ، وانتهى بتوصيات محددة بشأنها.
- سياسات واجراءات سوق العمل. (مرفق رقم 2)
يعتبر سوق العمل من اهم القطاعات الداعمة والمؤثرة على تنمية القطاع الخاص ، واثناء تقييم الرؤية 2020 توصلت دراسات كل من المجلس الأعلى للتخطيط و البنك الدولي وجامعة السلطان قابوس والجمعية الاقتصادية العمانية الى ان سوق العمل في السلطنة هو الاكثر بعداً عن مسار التنمية المستهدف بين القطاعات الرئيسة في الاقتصاد العماني ؛ و يعتبر من أهم تحديات تحقيق أهداف الخطة الخمسية التاسعة. ففي الوقت الذي استهدفت فيه الرؤية 2020 نسبة التعمين في القطاع الخاص لتصل الى 75% سنة 2020 نجد أنها استمرت في الانخفاض في السنوات الاخيرة لتصل إلى حدود 10% في الوقت الحاضر . مما يؤكد أن نظام التعمين الحالي قد أدى دوره ، ولم يعد قادرًا على الاستدامة، ولم يتمكن من تحقيق أهدافه في السنوات الاخيرة ولن يتمكن من تحقيق نتائج افضل في السنوات القادمة ، حيث تستمر نسبة انخفاض العمانيين العاملين في القطاع الخاص مقارنة بإجمالي العاملين في القطاع سنة بعد أخرى بسبب افتقاد النظام المرونة في التعامل مع التغيرات التي طرأت في السوق وتؤدي في الوقت ذاته إلى زيادة العمالة الوافدة وكانت محصلته :
- زيادة حجم العمالة الوافدة من حوالي 75 ألف عامل في عام 2003 م إلى أكثر من مليون وثمان مائة الف عامل مع نهاية اكتوبر سنة 2016م
- زيادة نسبة الوافدين الى العدد الكلي من السكان العُمانيين في الفترة نفسها من 24% إلى أكثر من 45 % .
إن نجاح الخطة الخمسية التاسعة في تحقيق التنويع الاقتصادي يعتمد بشكل أساس على قدرة القطاع الخاص لتحقيق هذه الاستثمارات ولن يكون بوسع القطاع الخاص تحقيق النسب المستهدفة بدون توفير بيئة جاذبة وقليلة المخاطر، فالتحليل الاقتصادي لسوق العمل يؤكد الحاجة الى إعادة صياغة سياسات واجراءات سوق العمل ليتمكن القطاع الخاص من القيام بدوره وللتمكين من تشغيل المواطنين مع اهمية ان يتم التركيز على توطين الوظائف في القطاع الخاص في جميع المنشآت بما في ذلك المنشآت الصغيرة والمتوسطة استنادا الى حلول هيكلية طويلة الأمد ترتكز على نظام أجور يستند أساسا على السوق market-based wage system ، و مرونة الانتقال من عمل إلى عمل والمسماة في تحليل اقتصاد العمل labor mobility حيث أنه سيساهم في رفع معدلات النمو وزيادة الناتج المحلي ، وهو أمر ضروري لمعالجة الإشكاليات في النظام الحالي الذي ساهم في جلب عمالة متدنية المهارة و تسبب في انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي حيث اكدت الدراسات وجود علاقة تأثير طردية ين مستوى مهارات القوى العاملة ونمو الاقتصاد وتطوره.
لقد تضمن المرفق الثاني من هذا التقرير حزمة من السياسات المتكاملة يمكنها التعامل مع تناقضات سوق العمل ومعالجة تشوهاته لإعادة توجيه الاقتصاد نحو زيادة توظيف المواطنين في القطاع الخاص ، واسمحوا لي بأن أشير هنا الى ضرورة اعتماد هذه السياسات على أساس انها حزمة متكاملة تم تدارسها بمنهجية علمية وان أي تعديل في أي جزئية منها قد يؤثر على النتائج الكلية المستهدف تحقيقها..
- تحسين جودة الأداء الحكومي وتعزيز التنافسية
تعيش دول العالم في سباق من اجل التنمية والحكم فيه التقرير السنوي للتنافسية الذي يعتبر مرجعا اقتصاديا لرجال الأعمال و المال في العالم ويعتمد عليه بشكل كبير في كيفية تحديد اتجاهات الاستثمارات الاجنبية والدول التي ينبغي الابتعاد عنها ، حيث زاد اهتمام دول العالم بهذا المؤشر في السنوات الأخيرة لرفع مستوى تنافسيتها بين دول العالم و تحسين رتبها ، ويشكل التقرير مقياساً لمستوى التنافسية يتلوها التحليل للتشخيص وتحديد أولويات الإصلاح ، وحيث أن المؤسسات هي التي تتنافس في الاسواق المفتوحة وليس الدول، فإنه على الدول إيجاد البيئة المناسبة التي تمكن المؤسسات الخاصة من تملك قدرات تنافسية والقدرة على رفع مستوى معيشة أفراد دولها، باعتبار أن المستوى المعيشي لمواطني أي دولة مرتبط بشكل كبير بقدرة مؤسساتها على المنافسة في الأسواق العالمية سواء كان ذلك من خلال التصدير او الاستثمار الأجنبي المباشر.
الجدير بالإشارة أن التطورات العلمية والتكنولوجيا والتغيرات الاقتصادية التي استجدت خلال العقود الماضية أدت الى تغيير عناصر التنافسية المتعارف عليها في المفهوم القديم المتمثلة في قدرات الدولة و مواردها الطبيعية وتوفر اليد العاملة الرخيصة، والموقع الجغرافي الذي يسمح لها بالإنتاج بأسعار تنافسية ، إلى مفهوم الميزة التنافسية التي تتمثل في اعتماد الدولة على التكنولوجيا والعنصر الفكري في الإنتاج، نوعية الإنتاج وفهم احتياجات ورغبات المستهلك، مما جعل العناصر القديمة المكونة للميزة النسبية غير فاعلة ومحدودة الاهمية في تحديد التنافسية.
وعليه فإن من المرتكزات الهامة التي يمكن أن ينشط في إطارها القطاع الخاص؛ تتمثل في تحسين جودة الأداء الحكومي، وتعزيز التنافسية وسهولة ممارسة أنشطة الاعمال.
الجدير بالإشارة أن من أهم أسباب تراجع السلطنة في تقرير التنافسية الحالي 2016- 2017 ووصولها للمرتبة 66 من بين 138 دولة بعد أن كانت في المرتبة 39 في سنة 2012 – 2013 ، تتمثل في عدم كفاية الجهود المبذولة لرفع مستوى تنافسية السلطنة في عالم متغير وأكثر تنافسية، يتراجع فيه تقييم القطاع الخاص لمستوى الخدمات المقدمة من المؤسسات الحكومية و ما يترتب عنه من عوامل مؤثرة على ممارسة الأعمال التجارية في السلطنة، والحاجة إلى تطوير أساليب العمل وتقديم الخدمات في القطاع العام ، بما يتناسب مع المتطلبات المتزايدة وبما ينمي المستوى الاقتصادي ويعزز التنافسية. علما أن تقرير التنافسية العالمي يقوم على أداء (3) أركان أساسية، تتفرع منها (12) ركيزة فرعية تشتمل على (114) مؤشر.
لقد تم مؤخرا – بعد اعداد هذه الدراسة – اتخاذ خطوة إيجابية بإنشاء مكتب وطني يُعنى بتشجيع التنافسية بين مختلف القطاعات بالسلطنة وتحسين بيئة الأعمال وتشجيع الاستثمار وعليه ينبغي لهذا المكتب أن يضع خطة شاملة تتضمن الأولويات والمسؤوليات وتحديد أفضل الآليات لتحسين مؤشرات التنافسية، بحيث تتضمن مؤشرات للأداء قابلة للقياس للنتائج المطلوب تحقيقها في مختلف المؤشرات.
- تحسين البيئة القانونية الجاذبة للاستثمار .
تعتبر البيئة القانونية المعززة للنزاهة عاملا أساسيا في الاستقرار السياسي والاقتصادي وجذب الاستثمار ويحمل تقرير مؤشر مدركات الفساد في دول العالم الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية اهمية كبيرة لدى المستثمرين الدوليين لاتخاذ قرارات مرتبطة بالاستثمارات الأجنبية التي تلعب دورا هاما في معالجة الكثير من التحديات الاقتصادية مثل إيجاد فرص عمل للمواطنين من جهة فضلا عن انعكاسها لثقة المجتمع التجاري الدولي للدول المستقطبة سواء بالنسبة للقوانين أو الآفاق التجارية ولقد ساهم هذا المؤشر في الفترة الأخيرة في زيادة التنافس بين دول العالم لتحسين رتبها ، حيث انه يشكل مقياساً لمستوى الفساد الذي تم إدراكه في القطاع العام المحلي وصورة إجمالية لدرجة الفساد في الدول، ويعتبر مرحلة أولى لقياس شبهات الفساد تتلوها مراحل أخرى تساعد في عملية التحليل لتشخيص وتحديد أولويات المكافحة والإصلاح ، ووفقا لنتائج تقرير مُدْرَكات الفساد لسلطنة عمان 2016م، استمر أداء سلطنة عمان في التراجع في المؤشر منذ العام ٢٠٠٩م عندما حلت في المركز (٣٩) دوليا لتصل إلى المركز رقم (60) في التقرير الأخير. وبناء عليه تم تقديم توصيتين لتحسين البيئة القانونية الجاذبة للاستثمار استنادا الى اهم القوانين والمؤشرات الدولية المنظمة لذلك :-
التوصية الاولى متعلقة باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي انضمت اليها السلطنة في سنة 2013م والتي تعتبر من ضمن اهم الاتفاقيات الدولية التي تم التوافق عليها على المستوى الدولي باعتبار الفساد ظاهرة عبر وطنية بحاجة الى مرجع دولي تعتمد عليه الدول في مكافحته على المستويين المحلي والدولي ، وهي ملزمة بين مجموعات من الدول التي تسير وفق قوانين ومعايير متفق عليها بالإجماع حيث تسعى الدول لرصد مكامن الخلل في تنفيذ الاتفاقية وبلورة المقترحات اللازمة لمعالجتها. وبانضمام السلطنة الى الاتفاقية يتوجب عليها الشـروع في تقييم مدى امتثالها للاتفاقية عن طريق مراجعة موادها وتحديد مدى تجسيد احكام الاتفاقية في القوانين العمانية وانفاذ احكامها ، بهدف تحسين ترتيبها في مؤشرات مدركات الفساد للوصول إلى إيجاد بيئة قانونية جاذبة ومحفزة للاستثمار ، حيث يعتبر ذلك من العوامل الاساسية لاستكمال تنمية القطاع الخاص وتحسين درجة تقييم مخاطر الدولة من خلال التركيز على وجود إجراءات واضحة، ومساءلة صارمة، تحكم عملية تخصيص واستخدام الأموال العامة. وتنشيط الجهود الهادفة لترسيخ معايير وممارسات المساءلة والشفافية والنزاهة.
والتوصية الثانية تسعى الى تحسين البيئة القانونية الجاذبة للاستثمار في السلطنة من خلال إعداد النظام الوطني للنزاهة باعتباره من أهم متطلبات الحوكمة ، و يتم من خلاله تقييم المؤسسات العامة والخاصة والمدنية من الناحية التشريعية والقانونية وتقدير مدى فعاليتها على مسار تعزيز الشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد. لفهم نقاط القوة ومواطن الضعف و تجاوز ما ينطوي عليه من مخاطر على مختلف الأصعدة، كما يعٌبر عن رؤية شاملة لتعزيز مناعة مكونات الدولة لمواجهة الفساد من خلال إصلاح الأطر القانونية وسلوك العاملين، وعادة ما يتم اعداد الانظمة الوطنية للنزاهة من خلال المجتمع المدني او البرلمانات وليس من الجهات التنفيذية للدول تجنبا لتضارب المصالح وحتى تكتسب النظم مصداقية دولية ، ولقد تم اقتراح طلب المباركة السامية على تبني مجلس الدولة القيام بإعداد نظام وطني للنزاهة في السلطنة.
التكلفة الاقتصادية للفساد
الجدير بالإشارة هنا أن الفساد مشكلة اقتصادية قبل ان تكون اخلاقية وقانونية وقد توصلت الدراسات الى أن التكلفة الاقتصادية للفساد جوهرية وتؤثر بشكل مباشر و كبير على النمو الاقتصادي وتشمل على سبيل المثال لا الحصر الآتي :-
- الاخلال بتخصيص الموارد وتوزيعها.
- تعزيز السياسات الضارة بالسوق.
- تخفيض من مستويات الاستثمار.
- التقليل من المنافسة والكفاءة.
- تخفيض الريع العام للبضائع والخدمات الاساسية.
- زيادة الانفاق العام.
- خفض الانتاجية ويحبط الابتكار.
- زيادة تكاليف الاعمال (ضريبة غير قانونية على الاعمال) .
- خفض مستويات التشغيل في القطاع الخاص.
- خفض عدد الوظائف النوعية في اقطاع العام.
- زيادة معدلات الفقر وعدم المساوة.
- التقليل من سيادة القانون.
- اعاقة الاصلاحات الموجهة الى السوق.
- زادة القلاقل السياسية.
- الاسهام في ارتفاع معدلات الجرمة.
تناقضات سوق العمل
الأمر يتطلب رسم سياسات جديدة لسوق العمل تمثل المرجعية في القرارات الحكومية الخاصة بسوق العمل وتضع الآليات المناسبة لمعالجة المطالبات المتناقضة من قبيل :-
- رغبة الحكومة والمجتمع في الحد من الزيادة في حجم تدفق العمالة الوافدة إلى السلطنة.
- رغبة القطاع الخاص في الحصول على كل احتياجاته من العمالة الوطنية او الوافدة التي يحددها لنفسه دون أية قيود من الوزارة ، حتى يتمكن من النمو و توفير المزيد من فرص العمل للعمانيين .
- التعامل مع التعقيدات الإدارية والتنظيمية والحدّ من التدخل الحكومي في أعمال الاقتصاد وترك المنافسة تأخذ مجراها ورفع العوائق .
- تخفيف الضغوط على الجهات الرسمية من أعباء الرقابة والمتابعة.
الحد من :-
- عملية هروب العمالة الوافدة من عملها.
- الاتجار بالبشر .
- عملية توليد وظائف وهمية للمواطنين.
- إغراق السوق بالعمالة الرخيصة والأمية .
- وضع حد لتهم الفساد في الإدارات والمؤسسات الحكومية والأهلية للاستقدام أو نقل الكفالة التي أدت إلى التجارة المستترة والتحكم في قطاع المقاولات والتأثير على أسواق قطاعات السلع الاستهلاكية والتجارة العامة والسلع الغذائية والتحويلات المالية للخارج.
معالجة التناقضات
إيجاد فرص العمل للمواطنين و الحد من استقدام العمالة الوافدة من الخارج يتطلب التعامل مع التناقضات المشار إليها أعلاه وتوفير متطلبات مختلف الشرائح المعنية قدر الامكان والعمل على معالجة تشوهات سوق العمل من خلال مراجعة :-
- مراجعة أنظمة التسجيل والتشغيل.
- ربط سياسات التشغيل بسياسات الأجور.
- تدوير رسوم استقدام العمالة الوافدة في القطاع الخاص.
- تحسين كفاءة استخدام العمالة المتوفرة.
- ربط استقدام العمالة الوافدة بأهداف الاقتصاد الكلي للسلطنة.
الانتاجية
تشير التحليلات الاقتصادية إلى أن النظام الحالي قد أدى الى التذبذب في معدلات نمو الإنتاجية خلال وانخفاضها في معظم السنوات الماضية ، ويتضح من خلال التحليل باستخدام قواعد المعلومات واحتساب قيم مضاعفات التشغيل المباشر وغير المباشر وجود تحديات نوعية في زيادة إنتاجية العمل التي استمرت في الانخفاض منذ عام 2009 مقارنة بمضاعفات الإنتاج Production Multiplies على الرغم من زيادة الأيدي العاملة الوافدة ، وقد أخذت إنتاجية العمل الحقيقية منحنى تنازليًا مع كل زيادة في أعداد القوى العاملة الوافدة منذ العام 2009 ، بالرغم من كون الإنتاجية هي أحد محددات النمو أو ما يطلق عليه فنيا ” مجموع إنتاجية العوامل TFP ” وهي التي تحدد معدلات النمو المحققة ؛ مما يعني أن زيادة الطلب على العاملين الوافدين في السلطنة في كثير من الأحوال خاصة في حالة العمالة غير الماهرة غير مرتبط بالإنتاجية ، وإنما مرتبط بعوامل رخص الأجر ، وعدم رغبة المواطنين في ممارسة مهن معينة ، بالإضافة إلى ظاهرة “البحث عن الريع Rent Seeking ” المرتبطة بتجارة الإقامة.
على صعيد القطاع الخاص أدى نمط التنمية والتخطيط الاقتصادي الذي كان من المفترض أن يبني اقتصادا حرا يعمل على فتح الأسواق ودعم استثمارات القطاع الخاص إلى بناء اقتصاد يعتمد على عدد صغير من المستثمرين الكبار ذوي النفوذ في الاقتصاد والعلاقات الوطيدة مع متخذي القرار وهو اقرب إلى ما يسمى ب رأسمالية المتنفذين Crony Capitalism ) ) .
زيادة الرسوم
الاجراءات الاخيرة لا تزيد عن كونها عملية جباية للمال وليسا مشروع اقتصادي وقد تعرض الاقتصاد الوطني لمخاطر غير محسوبة العواقب ممكن أن تضر بالاقتصاد بشكل كبير. حتى الان لا يوجد أي مشروع اقتصادي أو انفتاح اقتصادي لجذب المستثمرين لتحقيق النمو و زيادة الناتج المحلي
الاحتمال الأول
العامل الوافد اصبح يساهم في جزء غير يسير من دخل الدولة بصورة مباشرة وبصورة غير مباشرة ، الصورة المباشرة من خلال دفع قيمة الإقامة والتي تشكل جزء كبير في ميزانية الدولة ، وكذلك مساهمة هذا العامل وعائلته في تحريك عجلة الاقتصاد من خلال إيجار بيت ومأكل ومشرب ومستلزمات ومواد استهلاكية.
الاحتمال الثاني
تضيف الشركة هذه الرسوم على المنتجات فسوف يتحملها في النهاية المستهلك وهو المواطن ، وبالتالي ستكون العملية مجرد ضرائب فرضت على المواطن بصورة غير مباشرة
اذا غادر الوافد نزول وكساد لأغلب السلع والمواد وانخفاض شديد بأسعار العقار ، وخسارة دخل مهم يعتبر ثروة كان يجب استغلالها وتنميتها ، وأضيف لذلك كلفة العامل سوف ترتفع أضعاف قيمتها الحالية وسوف يتحملها المواطن ، فمن أراد أن يبني بيتاً أو يجلب سباكاً سوف يدفع جزء من قيمة هذه الرسوم هذا لو وجدنا من يعمل بهذه المهن
إصلاح القطاع الخاص قبل إصلاح التعليم
على الرغم من أن حوالي 88% من العمالة الأجنبية في القطاع الخاص تحمل مؤهل ثانوية او اقل هنالك تهم بأن سبب عدم توظيف القطاع الخاص للعمالة العمانية عدم موائمة مخرجات التعليم مع احتياجاته مع المطالبات بإصلاح النظام التعليمي ، الواقع أن وظائف القطاع الخاص هي التي لا تتواءم مع مخرجات التعليم وليس العكس. فمخرجات النظام التعليمي ورغم كل عيوبها إلا أنها تظل أعلى بكثير من متطلبات معظم وظائف القطاع الخاص ، لآن القطاع الخاص يحتاج في الغالب عمالة أمية أو شبه أمية متدنية المهارة تقبل بأجور متدنية ولا يرغب في توظيف عمالة عالية التأهيل والمهارة ستكون أجورها مرتفعة.
وبالتالي لا جدوى ولا فائدة من إصلاح النظام التعليمي بجعل مخرجاته أكثر مناسبة للاحتياجات المفترضة للتنمية طالما أن هذه الاحتياجات ليست موجودة أصلا في سوق العمل ، في ظل كون معظم ما يولد من فرص عمل تتطلب عمالة غير مؤهلة وغير ماهرة لأن القطاع الخاص سيستمر في اعتماده على العمالة الوافدة متدنية التأهيل والمهارة .
ولهذا نسبة العمالة الوافدة تتزايد سنويا ولا يمكن الحد من الزيادة و ايجاد حل لمشكلة الباحثين عن عمل ، بدون إجراء إصلاح شامل وجذري في سياسات العمل وتعديل النموذج الحالي بوضع قيود على تدفق العمالة الأجنبية مقابل منح المرونة في حركة العمالة الموجودة في الداخل ، والتحول إلى نموذج أعمال يحفز القطاع الخاص على إنهاء إدمانه للعمالة الرديئة الرخيصة ويمكنه من توفير فرص عمل عالية التأهيل والمهارة مرتفعة الأجر من العمالة المواطنة.
لقد أكدت أخر احصائيات صدرت مؤخرا على ذلك حيث نجد ان النسبة الأكبر من الباحثين عن عمل هي من مخرجات الجامعات ، وسيكون من الصعب ايجاد فرص عمل لهم في القطاع الخاص بسبب أن غالبية الوظائف التي يوفرها القطاع تتطلب عمالة محدودة المهارة تقبل بأجور زهيدة .
وهذا يجعل من احتمالية إحلال العمالة الوافدة بعمالة وطنية ضعيفاً لأن غالبية الباحثين عن عمل من حملة الشهادات الجامعية التي لا تتوفر لديها الخبرة و تكلفتهم مرتفعة نسبيا و تأهيلهم لا يتناسب مع فرص العمل المتوفرة وعليه يتطلب الأمر إعادة النظر في سياسات قبول مخرجات الدبلوم العام والأعداد التي تقبل للدراسة الجامعية وتلك التي توجه للتدريب والتأهيل المهني.

