إطار ومحددات مشروع قانون الدَّين العـام (يوليو 2019)

بيان المكرم الشيخ محمد بن عبدالله الحارثي

رئيس اللجنة الاقتصادية- مجلس الدولة

إطار ومحددات مشروع قانون الدَّين العـام

معالي الدكتور رئيس المجلس،

المكرمون والمكرمات أعضاء المجلس

سعادة الدكتور الأمين العام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

تعد قضية الدين العام من أهم القضايا التي لها تأثير مباشر على اقتصاديات الدول، ومستوى معيشة أبنائها، ومستقبل الأجيال الحالية والقادمة فيها.

وتتبع الحكومات العديد من الخطط والمناهج للحد من ارتفاع الدَّين العام وتقليل آثاره السلبية على الاقتصاد؛ وذلك عن طريق وضع الضوابط اللازمة في كل ما يتعلق بالدًّين العام في تشريعات خاصة به، حيث نجد أن العديد من دول المنطقة شرعت مؤخرا قوانين للدَّين العام، على سبيل المثال دولة الإمارات العربية المتحدة، وقطر، والبحرين، والكويت، والأردن وغيرها من الدول.

وقد قدمت اللجنة الاقتصادية وفي إطار مرئياتها وملاحظتها حول مشروع الموازنة العامة للدولة في الأعوام الماضية، ومذكرتها عن “الآثار المترتبة على تراجع التصنيف الائتماني السيادي للسلطنة” العديد من التوصيات فيما يتعلق بالإجراءات الاحترازية والتي من ضمنها الإسراع في إصدار قانون الدين العام، تجنبا لأية ضغوطات مالية قد تعمق الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد، ولتجنب احتمالية تبني أية برامج اقتصادية مستقبلية قد تمس نوعية الحياة، والرفاه الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع العماني.

لقد سجّل الدَّين العام لسلطنة عمان صعودًا مستمرًا في السنوات الأخيرة ، إذ تُشير البيانات الصادرة في هذا الخصوص إلى أن الرصيد في سنة 2013 كان 1.48 مليار ريال عماني ثم ارتفع إلى 3.44 مليار ريال عماني في سنة 2015، و ارتفع إلى 7.99 مليار ريال عماني سنة 2016 ثم وصل إلى 13.4  مليار ريال عماني في سنة 2018، ليصل إلى 15.8 مليار ريال عماني هذا العام 2019م.  وهذا يعنى انه خلال الفترة من 2013 إلى 2019 ارتفع الدَّين العام بنحو 1480 %، وهي نسبة ارتفاع هائلة.

شكل الدَّين العام لسلطنة عمان نحو 6 % من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2013م ارتفع إلى نحو 13 % عام 2015 ثم إلى 39 % عام 2017 وواصل ارتفاعه في عام 2018 مسجلا قفزة وصلت إلى ما نسبته 45 % وواصل ارتفاعه ليسجل حوالي 51 % من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة في عام 2019م.

الجدير بالإشارة أنه وفقا لنتائج مشاورات المادة الرابعة لصندوق النقد الدولي مع سلطنة عمان بتاريخ 7 يونيو 2019، أكد الصندوق في بيانه أن مواطن الضعف الاقتصادية الكلية لا تزال في ارتفاع، مع زيادة الدين الحكومي والخارجي، وأدت زيادة مواطن الضعف إلى تخفيضات جديدة في التصنيف الائتماني السيادي وزيادات في علاوات المخاطر السيادية.

وعليه فقد خفض الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد إلى 0.3في المئة، وارتفاع إجمالي الدين العام إلى 53.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

لقد أوضحت المؤشرات المختلفة إن الدَّين العام وخدمته في تزايد مستمر، مما يتطلب وضع قانون يعمل على ضمان أن تكون إدارته وحدوده في المستويات الآمنة لضمان سلامة ومتانة الاقتصاد الوطني، وينسجم مع متطلبات التنمية المستدامة، ويعمل على ضمان استقرار المالية العامة ، و تمكنه من الاستمرار في تحمل مستوى الدَّين العام ومعدل نموه، وضمان تلبية الاحتياجات التمويلية وسداد التزاماتها بأقل تكلفة ممكنة على المدى المتوسط إلى البعيد، بدرجة معقولة من المخاطرة.  

و على أن يعمل قانون الدين العام على تحديد الحدود المثلي لإجمالي مبلغ الدَّين العام من الإيرادات الذاتية المتجددة، ومن الناتج المحلي الإجمالي، وأوجه صرف الدَّين وكيفية إنفاقه وأدوات الاقتراض المحلي والخارجي وغيرها.

ومن المهم أيضا في الوقت ذاته أن يستكمل إصدار قانون الدين العام، إجراء التعديلات المناسبة على القانون المالي ليتضمن قواعد وإجراءات محدثة عن المسؤولية المالية و تحديد  أوجه التنسيق المطلوبة بين السياسات المالية والسياسات النقدية بين وزارة المالية والبنك المركزي والجهات ذات الصلة.

وختاما يسرني أن أتقدم بجزيل الشكر والتقدير للأعضاء المكرمين أعضاء اللجنة الاقتصادية والفريق الفني المساعد على جهودهم.

كما أشكر مقدما أعضاء المجلس المكرمين، بتقديمهم أية مقترحات أو ملاحظات إضافية والتي من شانها أن تسهم في تعزيز نتائج هذه الدراسة.

والله ولى التوفيق ،،،،

Shopping Cart
Scroll to Top