مشروع الموازنة العام 2019 (ديسمبر 218)

بيان المكرم الشيخ محمد بن عبدالله الحارثي

رئيس اللجنة الاقتصادية- مجلس الدولة

في الجلسة العامة عن مشروع الموازنة العامة للعام 2019م

معالي الدكتور رئيس المجلس،

المكرمون والمكرمات اعضاء المجلس

سعادة الدكتور الأمين العام

السلام عليكم ورحمة الله تعالى،

انطلاقا من مبدأ أن مشروع الموازنة العامة عبارة عن خطة الدولة الاقتصادية للعام القادم، ومدخل أساس لإصلاح الخلل المالي والاقتصادي بعد الوقوف على التحديات، وطبيعة الأداء ومستوى سلامة العمل، ومعرفة مدى انسجام البرامج مع أهداف الدولة وتطلعات المجتمع، كما أن تأثيراتها المباشرة وغير المباشرة تمتد لتغطي كافة مكونات المجتمع بشكل أو بآخر.

فقد رأت اللجنة الاقتصادية الموسعة أهمية التركيز على مشروع الموازنة في إطار سياسات الاقتصاد الكلي لمعرفة التأثيرات الإنمائية لارتفاع او انخفاض تلك الارقام من خلال التدقيق في مؤشرات الأداء المالي، والتأكد من مدى ترابط بنود الموازنة مع نتائجها المتوقعة وفقا للأهداف المرصودة بمشروع الموازنة والمتسقة مع أهداف خطة التنمية الخمسية التاسعة.

وفي هذا الصدد  ومع تقديرنا لوزارة المالية  ، التي في الوقت الذي تعاني فيه من ضغوطات مالية كبيرة لم يكن بوسعها إلا أن تعد مشروع الموازنة العامة للسنة المالية 2019م ، ليكمل مسار الموازنات السابقة لها ، متبعًا ذات المنهجية والاسلوب، بالتركيز على البعد المحاسبي ، ويتجه فيه اتجاها انكماشيا، نحو مسار مغاير للأهداف التفصيلية ومؤشرات الأداء المعتمدة لخطة التنمية الخمسية التاسعة، في الوقت الذي لم تتمكن فيه مذكرة المجلس الأعلى للتخطيط المعنية بالنفقات الاستثمارية و المصروفات الإنمائية من تعزيز البعد الاقتصادي للموازنة ، من خلال وضع  برامج واضحة لتوسعة القاعدة الإنتاجية،  و تحديد سياسات الموائمة بين متطلبات تحسين الأداء الكلي، ومستهدفات الخطة من جهة، ومتغيرات المالية العامة ومستهدفاتها من جهة اخرى، وان تضع برامج عمل وسياسات اقتصادية واضحة يتضمنها مشروع الموازنة في مواجهة تحديات اختلال الميزان التجاري وميزان المدفوعات، وتراجع الإيرادات العامة، وتنامي اعداد الباحثين عن عمل، والحاجة الى زيادة معدلات الاستثمار المختلفة وغيرها من التحديات.

ووفقا لهذه المنهجية ؛ فقد رأت اللجنة الاقتصادية الموسعة إبداء عدد من الملاحظات والمرئيات موزعة في ستة محاور على النحو الآتي:

المحـــور الأول:ملاحظــات عامة.
المحــور الثاني:الإيرادات العامة (بشقيها النفطي وغير النفطي).
المحــور الثالث:الإنفاق العام (الجاري والرأسمالي والإنمائي وخدمة الدين العام).
المحـور الرابـع:المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية.
المحور الخامس:العجــــــز الجاري ووسائل التمويل.
المحور السادس:المــــــركز المــــالــــي.

لقد أشار مشروع الموازنة للعام 2019م إلى أن الميزان التجاري سجل فائضا بنحو 2.7 مليار ريال عماني في النصف الأول من عام 2018م، وتراجع عجز الحساب الجاري إلى نحو 4.1 مليار ريال عماني بنهاية العام 2017م. وشهدت تدفقات الاستثمار الأجنبي زيادة مقدارها 1.4 مليار ريال عماني بمعدل نمو 17% وذلك بنهاية النصف الأول من عام 2018م. وقد أظهرت مؤشرات نتائج أداء ميزانية عام 2018م تحسنا في بعض مؤشرات الاستدامة المالية؛ فقد تراجعت نسبة العجز إلى الناتج المحلى الإجمالي من 21% عام 2017م إلى 10% عام 2018م، وتبين تقديرات الموازنة للعام 2019م انها ستكون في حدود 9%.

كما أظهرت مؤشرات نتائج أداء ميزانية العام 2018م تحسنا في بعض المؤشرات المالية؛ حيث تراجعت نسبة العجز إلى الناتج المحلى الإجمالي من 21% عام 2017م إلى 10% عام 2018م، إلا انه من الجدير بالإشارة الى أن معظم تلك النتائج الايجابية تعزى أساسا إلى زيادة إيرادات النفط بنحو 26% عما هو معتمد في ميزانية عام 2018م، مدفوعا بارتفاع متوسط سعر النفط من 50 إلى 66 دولارا أمريكيا للبرميل، وقد أدى ذلك إلى زيادة كل من إجمالي الإيرادات بنحو 8% والإنفاق العام بنحو 6%.

في المقابل تشير تقديرات الموازنة للعام 2019م إلى أن نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي الإجمالي إلى 50% وهي مؤشرات مرتفعة جدا ، كما أن الموازنة مازالت تواجه تحديات إقامة توازنات بين كل من التوسع في الإنفاق العام من جهة والحفاظ على الاستقرار المالي من جهة أخرى، والتوازن بين ضرورة تحقيق النمو الاقتصادي من ناحية والمحافظة على المستويات المستدامة ماليًا من ناحية أخرى، والتوازن بين متطلبات الموازنة كمحفز للاقتصاد الكلي ومساند للأبعاد الاجتماعية والاقتصادية لتحقيق أهداف التشغيل، والنمو على نحو مباشر.

إن هذه التحديات ذات الأبعاد المختلفة تتطلب جهدا وتنسيقا وتعاونا اكبر وتكاملا بين الجهات المختصة، وخاصة فيما يتعلق بتحديد السياسات اللازمة لمعالجة هذه التحديات ووضع مؤشرات قياس الأداء للتأكد من المسار الصحيح، وتحديد المسؤوليات وضوابط المساءلة .

وعليه ، نأمل أن تساهم ملاحظات اللجنة الاقتصادية الموسعة بالتركيز على التحديات والسلبيات التي تتطلب تصحيحا ، وتقديم توصيات محددة قابلة للتطبيق ، في تعزيز مشروع الموازنة العامة للدولة ، والإسهام مع جهود الحكومة تحقيق الاستدامة المالية وتعزيز قوة الاقتصاد العماني وتمكينه من مواجهة التحديات المختلفة التي ستواجه الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2019م والسنوات التالية.

الاخوة والاخوات المكرمين

انه لمن الجدير بالإشارة الى أن ردود الحكومة على مرئيات وملاحظات مجلس عمان على مشروع الموازنة العامة للعام 2018م اتسمت بالاتفاق مع معظم مرئيات مجلس الدولة ، واتساقا مع تلك المرئيات فقد اشتمل مشروع الموازنة للعام 2019م على تفاصيل إضافية تتعلق بالموقف التنفيذي لموازنة البرامج والأداء ، وجهود التنويع الاقتصادي ، وجزء عن التوظيف ، كما افرد المشروع جزءً عن التجارة الخارجية (الميزان التجاري) ، والاستثمار الأجنبي. إلا أن رد الحكومة في الوقت ذاته لم ينسجم مع أحكام المادة (58) مكررا (40) من النظام الأساسي للدولة التي نصت “…. وعلى مجلس الوزراء إخطار المجلسين بما لم يتم الأخذ به من توصياتهما فـي هذا الشأن مع ذكر الأسباب.” و نتفق هنا مع مرئيات مجلس الشورى حول ضرورة وضع الاليات الكفيلة بالالتزام بأحكام النظام الأساسي للدولة في هذا الصدد.

وختاما لا يسعني إلا أن أتقدم بجزيل الشكر والتقدير لكل من ساهم في إعداد هذه المرئيات، واخص بالشكر أعضاء اللجنة الاقتصادية الموسعة ، والفريق المساعد ، كما أشكر مقدما أعضاء المجلس المكرمين ، بتقديمهم المقترحات و أية ملاحظات فنية يمكن أن تسهم في إثراء التقرير.

والشكر كذلك لمجلس الشورى على تقريره والتوصيات التي توصل لها والتي اتفقت اللجنة الاقتصادية الموسعة معها في اطارها العام.

والله ولي التوفيق

Shopping Cart
Scroll to Top